﴿ لَّقَدْ كَانَ فِى يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ ﴾ [يوسف : ٧] أي في قصتهم وحديثهم ﴿ ءايَـاتٌ ﴾ علامات ودلالات على قدرة الله وحكمته في كل شيء.
آية مكي ﴿ لِّلسَّآئِلِينَ ﴾ لمن سأل عن قصتهم وعرفها أو آيات على نبوة محمد صلى الله عليه وسلّم للذين سألوه من اليهود عنها فأخبرهم من غير سماع من أحد ولا قراءة كتاب، وأسماؤهم : يهوذا وروبيل وشمعون ولاوى ويالون ويشجر وأمهم ليا ودان ويغتالي وجاد وآشر من سريتين زلفة وبلهة فلما توفيت ليا تزوج أختها راحيل فولدت له بنيامين ويوسف ﴿ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ﴾ اللام لام الابتداء وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة أرادوا أن زيادة محتبه لهما أمر ثابت لاشبهة فيه وإنما قالوا وأخوه وهم إخوته أيضاً لأن أمهما كانت واحدة وإنما قيل أحب في الاثنين لأن فعل من لا يفرق فيه بين الواحد وما فوقه ولا بين المذكر والمؤنث ولا بد من الفرق مع لام التعريف وإذا أضيف ساغ الأمران والواو في ﴿ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ [يوسف : ٨] للحال أي أنه يفضلهما في المحبة علينا وهما صغيران لا كفاية فيهما ونحن عشرة رجال كفاة نقوم بمرافقه فنحن أحق بزيادة المحبة منهما لفضلنا بالكثرة والمنفعة عليهما ﴿ إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ ﴾ [يوسف : ٨] غلط في تدبير أمر الدنيا ولو وصفوه بالضلالة في الدين لكفروا.
والعصبة العشرة فصاعدا ﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ ﴾ [يوسف : ٩] من جملة ما حكى بعد قوله إذ قالوا كأنهم أطبقوا على ذلك إلا من قال : لا تقتلوا يسوف وقيل الآمر بالقتل شمعون والباقون كانوا راضين فجعلوا آمرين ﴿ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا ﴾ [يوسف : ٩] منكورة مجهولة بعيدة عن العمران وهو معنى تنكيرها
٣٠٥
وإخلائها عن الوصف ولهذا الإبهام نصبت نصب الظروف المبهمة ﴿ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ﴾ [يوسف : ٩] يقبل عليكم إقبالة واحدة لا يلتفت عنكم إلى غيركم والمراد سلامة محبته لهم ممن يشاركهم فيها فكان ذكر الوجه لتصوير معنى إقباله عليهم لأن الرجل إذا أقبل على الشيء أقبل بوجهه وجاز أن يراد بالوجه الذات كما قال ويبقى وجه ربك ﴿ وَتَكُونُوا ﴾ مجزوم عطفاً على يخل لكم ﴿ مِن بَعْدِهِ ﴾ [الأحزاب : ٥٣] من بعد يوسف أي من بعد كفايته بالقتل أو التغريب أو من بعد قتله أو طرحه فيرجع الضمير إلى مصدر اقتلوا أو اطرحوا ﴿ قَوْمًا صَـالِحِينَ ﴾ [يوسف : ٩] تائبين إلى الله مما جنيتم عليه أو يصلح حالكم عند أبيكم
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٥
﴿ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ ﴾ [الصافات : ٥١] هو يهوذا وكان أحسنهم فيه رأياً ﴿ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ﴾ [يوسف : ١٠] فإن القتل عظيم ﴿ وَأَلْقُوهُ فِى غَيَـابَتِ الْجُبِّ ﴾ في قعر البئر وما غاب منه عن عين الناظر.
غيابات وكذا ما بعده مدني ﴿ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ﴾ [يوسف : ١٠] بعض الأقوام الذين يسيرون في الطريق ﴿ إِن كُنتُمْ فَـاعِلِينَ ﴾ [يوسف : ١٠] به شيئاً ﴿ قَالُوا يَـا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَانَّا ﴾ بالإشفاق ﴿ عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَـاصِحُونَ ﴾ [يوسف : ١١] أي لم تخافنا عليه ونحن نريد له الخير ونشفق عليه وأرادوا بذلك لما عزموا على كيد يوسف استنزاله عن رأيه وعادته في حفظه منهم وفيه دليل على أنه أحسن منهم بما أوجب أن يأمنهم عليه ﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ ﴾ [يوسف : ١٢] نرتع نتسع في أكل الفواكه وغيرها والرتعة السعة ﴿ وَيَلْعَبْ ﴾ ونلعب نتفرج بما يباح كالصيد والرمي والركض.
بالياء فيهما مدني وكوفي وبالنون فيهما مكي وشامي وأبو عمرو وبكسر العين حجازي من ارتعى افتعال من الرعي ﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَـافِظُونَ ﴾ [يوسف : ١٢] من أن يناله مكروه }
٣٠٦
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٦