﴿ قَالَ إِنِّى لَيَحْزُنُنِى أَن تَذْهَبُوا بِهِ ﴾ [يوسف : ١٣] أي يحزنني ذهابكم به واللام لام الابتداء ﴿ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَـافِلُونَ ﴾ [يوسف : ١٣] اعتذر إليهم بأن ذهابهم به مما يحزنه لأنه كان لا يصبر عنه ساعة وأنه يخاف عليه من عدوة الذئب إذا غفلوا عنه برعيهم ولعبهم ﴿ قَالُوا لَـاـاِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ ﴾ [يوسف : ١٤] اللام موطئة للقسم والقسم محذوف تقديره والله لئن أكله الذئب والواو في ﴿ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ [يوسف : ٨] أي فرقة مجتمعة مقتدرة على الدفع للحال ﴿ إِنَّآ إِذًا لَّخَـاسِرُونَ ﴾ [يوسف : ١٤] جواب للقسم مجزىء عن جزاء الشرط أي إن لم نقدر على حفظ بعضنا فقد هلكت مواشينا إذا وخسرناها وأجابوا عن عذره الثاني دون الأول لأن ذلك كان يغيظهم ﴿ الْجُبِّ ﴾ أي عزموا على إلقائه في البئر وهي بئر على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب عليه السلام وجواب لما محذوف تقديره فعلوا به ما فعلوا من الأذى فقد روى أنهم لما برزوا به إلى البرية أظهروا له العداوة وضربوه وكادوا يقتلونه فمنعهم يهوذا أرداوا إلقاءه في الجب تعلق بثيابهم فنزعوها من يده فتعلق بحائط البئر فربطوا يديه ونزعوا قميصه ليلطخوه بالدم فيحتالوا به على أبيهم ودلوه في البئر وكان فيها ماء فسقط فيه ثم أوى إلى صخرة فقام عليها وهو يبكي وكان يهوذا يأتيه بالطعام ويروى أن إبراهيم عليه السلام حين ألقى في النار جرد عن ثيابه فأتاه جبريل عليه السلام بقميص من حرير الجنة فألبسه إياه فدفعه إبراهيم إلى إسحاق وإسحاق إلى يعقوب فجعله يعقوب في تميمة علقها في عنق يوسف فأخرجه جبريل وألبسه إياه ﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ ﴾ [يوسف : ١٥] قيل أوحي إليه في الصغر كما أوحي إلى يحيى وعيسى عليهما السلام وقيل كان إذا ذاك مدركاً ﴿ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـاذَا ﴾ [يوسف : ١٥] أي لتحدثن إخوتك بما فعلوا بك ﴿ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ﴾ [الأعراف : ٩٥] أنك يوسف لعلو شأنك وكبرياء سلطانك وذلك أنهم حين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون دعا بالصواع
٣٠٧
فوضعه على يده ثم نقره فطن فقال إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف وأنكم ألقيتموه في غيابة الجب وقلتم لأبيه أكله الذئب وبعتموه بثمن بخس أو يتعلق وهم لا يشعرون بأوحينا أي آنسناه بالوحي وأزلنا عن قلبه الوحشة ولا يشعرون ذلك }
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٧
﴿ وَجَآءُو أَبَاهُمْ عِشَآءً ﴾ للاستتار والتجسر على الاعتذار ﴿ يَبْكُونَ ﴾ حال عن الأعمش لا تصدق باكية بعد إخوة يوسف فلما سمع صوتهم فزع وقال ما لكم يا بني هل أصابكم في غنمكم شيء قالوا لا قال : فما بالكم وأين يوسف ﴿ قَالُوا يَـا أَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ﴾ أي نتسابق في العدو أو في الرمي والافتعال والتفاعل يشتركان كالإرتماء والترامي وغير ذلك ﴿ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا ﴾ [يوسف : ١٧] بمصدق لنا ﴿ وَلَوْ كُنَّا صَـادِقِينَ ﴾ [يوسف : ١٧] ولو كنا عندك من أهل الصدق والثقة لشدة محبتك ليوسف فكيف وأنت سيء الظن بنا غير واثق بقولنا ﴿ وَجَآءُو عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ﴾ ذي كذب أو وصف بالمصدر مبالغة كأنه نفس الكذب وعينه كما يقال للكذاب هو الكذب بعينه والزور بذاته روى أنهم ذبحوا سخلة ولطخوا القميص بدمها وزل عنهم أن يمزقوه وروى أن يعقوب عليه السلام لما سمع بخبر يوسف صاح بأعلى صوته وقال أين القيمص فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص وقال تالله ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم من هذا أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه وقيل كان في قميص يوسف ثلاث آيات كان دليلاً ليعقوب على كذبهم وألقاه على وجهه فارتد بصيراً دليلاً على براءة يوسف حين قد من دبره ومحل على قميصه النصب على الظرف كأنه قيل وجاؤا فوق قميصه بدم ﴿ قَالَ ﴾ يعقوب عليه السلام ﴿ بَلْ سَوَّلَتْ ﴾ [يوسف : ١٨] زينت أو سهلت ﴿ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ﴾ [يوسف : ١٨] عظيماً ارتكبتموه ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ [يوسف : ٨٣] خبر أو مبتدأ لكونه موصوفاً أي
٣٠٨


الصفحة التالية
Icon