﴿ لِكُلِّ ﴾ لكل شيء ينبأ به يعني إنباءهم بأنهم يعذبون وإيعادهم به ﴿ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ ﴾ [القمر : ٣] وقت استقرار وحصول لا بد منه ﴿ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام : ٦٧] تهديد.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٣
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧
﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى ءَايَـاتِنَا ﴾ أي القرآن يعني يخوضون فى الاستهزاء بها والطعن فيها، وكانت قريش في أنديتهم يفعلون ذلك ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ [الأنعام : ٦٨] ولا تجالسهم وقم عنهم ﴿ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [النساء : ١٤٠] غير القرآن مما يحل فحينئذ يجوز أن تجالسهم ﴿ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَـانُ ﴾ [الأنعام : ٦٨] ما نهين عنه ﴿ يُنسِيَنَّكَ ﴾ شامي نسّي وأنسى واحد ﴿ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى ﴾ [الأنعام : ٦٨] بعد أن تذكر ﴿ مَعَ الْقَوْمِ الظَّـالِمِينَ * وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم ﴾ من حساب هؤلاء الذين يخوضون في القرآن تكذيباً واستهزاء ﴿ مِن شَىْءٍ ﴾ [الذاريات : ٤٢] أي وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شيء مما يحاسبون عليه من ذنوبهم ﴿ وَلَـاكِنِ ﴾ عليهم أن يذكروهم ﴿ ذِكْرِى ﴾ إذا سمعوهم يخوضون بالقيام عنهم وإظهار الكراهة لهم وموعظتهم.
ومحل ﴿ ذِكْرِى ﴾ نصب أي ولكن يذكرونهم ذكرى أي تذكيرا، أورفع والتقدير ولكن عليهم ذكرى ؛ ﴿ ذِكْرِى ﴾ مبتدأ والخبر محذوف.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧
﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة : ١٨٧] لعلهم يجتنبون الخوض حياء أو كراهة لمساءتهم ﴿ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ ﴾ [الأنعام : ٧٠] الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام ﴿ لَعِبًا وَلَهْوًا ﴾ [الأنعام : ٧٠] سخروا به واستهزءوا.
ومعنى ﴿ ذَرْهُمْ ﴾ أعرض عنهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم، واللهو ما يشغل الإنسان من هوى أو طرب
٢٧
﴿ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ ﴾ [الأنعام : ٧٠] وعظ بالقرآن ﴿ أَن تُبْسَلَ نَفْسُ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [الأنعام : ٧٠] مخافة أن تسلم إلى الهلكة والعذاب وترتهن بسوء كسبها، وأصل الإبسال المنع ﴿ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ﴾ [الأنعام : ٧٠] ينصرها بالقوة ﴿ وَلا شَفِيعٍ ﴾ [السجدة : ٤] يدفع عنها بالمسألة.
ولا وقف على ﴿ كَسَبَتْ ﴾ في الصحيح لأن قوله ﴿ لَيْسَ لَهَا ﴾ [الأنعام : ٧٠] صفة لنفس والمعنى وذكر بالقرآن كراهة أن تبسل نفس عادمة ولياً وشفيعاً بكسبها ﴿ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ ﴾ [الأنعام : ٧٠] نصب على المصدر وإن تفد كل فداء، والعدل الفدية لأن الفادي يعدل المفدي بمثله، وفاعل ﴿ لا يُؤْخَذْ مِنْهَآ ﴾ [الأنعام : ٧٠] لا ضمير العدل لأن العدل هنا مصدر فلا يسند إليه الأخذ، وأما في قوله ﴿ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ﴾ [البقرة : ٤٨] (البقرة : ٨٤) فبمعنى المفدي به فصح إسناده إليه ﴿ أؤلئك ﴾ إشارة إلى المتخذين من دينهم لعباً ولهواً وهو مبتدأ والخبر ﴿ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا ﴾ [الأنعام : ٧٠] وقوله ﴿ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ ﴾ [الأنعام : ٧٠] أي ماء سخين حار خبر ثان لـ ﴿ أؤلئك ﴾ والتقدير : أولئك المبسلون ثابت لهم شراب من حميم أو مستأنف.
﴿ وَعَذَابٌ أَلِيمُ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ [الأنعام : ٧٠] بكفرهم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧