﴿ قُلْ ﴾ لأبي بكر يقل لابنه عبد الرحمن وكان يدعو أباه إلى عبادة الأوثان ﴿ أَنَدْعُوا ﴾ أنعبد ﴿ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [يس : ٧٤] الضار النافع ﴿ مَا لا يَنفَعُنَا ﴾ [الأنعام : ٧١] ما لا يقدر على نفعنا إن دعوناه ﴿ وَلا يَضُرُّنَا ﴾ [الأنعام : ٧١] إن تركنا ﴿ وَنُرَدُّ ﴾ وأنرد ﴿ عَلَى أَعْقَابِنَا ﴾ [الأنعام : ٧١] راجعين إلى الشرك ﴿ بَعْدَ إِذْ هَدَاـانَا اللَّهُ ﴾ للإسلام وأنقذنا من عبادة الأصنام ﴿ كَالَّذِى اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَـاطِينُ ﴾ [الأنعام : ٧١] كالذي ذهبت به الغيلان ومردة الجن.
والكاف في محل النصب على الحال من الضمير في ﴿ وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا ﴾ أي أننكص مشبهين من استهوته الشياطين وهو استفعال من هوى في الأرض إذا ذهب فيها كأن معناه طلبت هويه ﴿ فِى الارْضِ ﴾ [السجدة : ١٠] في المهمه ﴿ حَيْرَانَ ﴾ حال من مفعول ﴿ اسْتَهْوَتْهُ ﴾ أي تائهاً ضالاً عن الجادة لا يدري كيف يصنع ﴿ لَهُ ﴾ لهذا المستهوي ﴿ أَصْحَـابُ ﴾ رفقة ﴿ يَدْعُونَهُا إِلَى الْهُدَى ﴾ [الأنعام : ٧١] إلى أن يهدوه الطريق.
سمي الطريق المستقيم بالهدى يقولون له ﴿ ائْتِنَا ﴾ وقد اعتسف المهمة تابعاً للجن لا يجيبهم ولا يأتيهم، وهذا مبني على ما يقال إن الجن تستهوي الإنسان، والغيلان
٢٨
تستولي عليه، فشبه به الضال عن طريق الإسلام التابع لخطوات الشيطان، والمسلمون يدعونه إليه فلا يلتفت إليهم ﴿ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ ﴾ [البقرة : ١٢٠] وهو الإسلام ﴿ هُوَ الْهُدَى ﴾ [الأنعام : ٧١] وحده وما وراءه ضلال ﴿ وَأُمِرْنَا ﴾ محله النصب بالعطف على محل ﴿ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى ﴾ [البقرة : ١٢٠] على أنهما مقولان كأنه قيل : قل هذا القول وقل أمرنا ﴿ لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَـالَمِينَ * وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَواةَ ﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧
والتقدير : وأمرنا لأن نسلم ولأن أقيموا أي للإسلام ولإقامة الصلاة ﴿ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام : ٧٢] يوم القيامة ﴿ وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام : ٧٣] بالحكمة أو محقاً ﴿ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [الأنعام : ٧٣] على الخبر دون الجواب ﴿ قَوْلُهُ الْحَقُّ ﴾ [الأنعام : ٧٣] مبتدأ و ﴿ يَوْمَ يَقُولُ ﴾ [الحديد : ١٣] خبره مقدماً عليه كما تقول " يوم الجمعة قولك الصدق " أي قولك الصدق كائن يوم الجمعة واليوم بمعنى الحين.
والمعنى أنه خلق السماوات والأرض بالحق والحكمة وحين يقول لشيء من الأشياء كن فيكون ذلك الشيء، قوله الحق والحكمة أي لا يكوّن شيئاً من السماوات والأرض وسائر المكونات إلا عن حكمة وصواب ﴿ وَلَهُ الْمُلْكُ ﴾ [الأنعام : ٧٣] مبتدأ وخبر ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ ﴾ [الأنعام : ٧٣] ظرف لقوله ﴿ وَلَهُ الْمُلْكُ ﴾ [الأنعام : ٧٣] ﴿ فِى الصُّورِ ﴾ [ق : ٢٠] هو القرن بلغة اليمن أو جمع صورة ﴿ عَـالِمُ الْغَيْبِ ﴾ [الجن : ٢٦] هو عالم الغيب ﴿ وَالشَّهَـادَةِ ﴾ أي السر والعلانية ﴿ وَهُوَ الْحَكِيمُ ﴾ [الأنعام : ١٨] في الإفناء والإحياء ﴿ الْخَبِيرُ ﴾ بالحساب والجزاء.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٧
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لابِيهِ ءَازَرَ ﴾ [الأنعام : ٧٤] هو اسم أبيه أو لقبه لأنه لا خلاف بين النسابين أن اسم أبيه تارخ، وهو عطف بيان لأبيه وزنه فاعل ﴿ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا ءَالِهَةً ﴾ [الأنعام : ٧٤] استفهام توبيخ أي أتتخذها آلهة وهي لا تستحق الإلهية ﴿ إِنِّى أَرَاـاكَ وَقَوْمَكَ فِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ * وَكَذَالِكَ ﴾ أي وكما أريناه قبح الشرك ﴿ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ أي نري بصيرته لطائف خلق السماوات والأرض، ونرى حكاية حال
٢٩


الصفحة التالية
Icon