عليه وقال للثاني : ما رأيت من السلال ثلاثة أيام ثم تخرج فتقتل ولما سمع الخباز صلبه قال ما رأيت شيئاً فقال يوسف ﴿ قُضِىَ الامْرُ الَّذِى فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾ [يوسف : ٤١] أي قطع وتم ما تستفتيان فيه من أمركما وشأنكما أي ما يجر إليه من العاقبة وهي هلاك أحدهما ونجاة الآخر
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣١٩
﴿ وَقَالَ لِلَّذِى ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا ﴾ [يوسف : ٤٢] الظان هو يوسف عليه السلام إن كان تأويله بطريق الاجتهاد وإن كان بطريق الوحي فالظان هو الشرابي أو يكون الظن بمعنى اليقين ﴿ اذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف : ٤٢] صفني عند الملك بصفتي وقص عليه قصتي لعله يرحمني ويخلصني من هذه الورطة ﴿ فَأَنْسَـاهُ الشَّيْطَـانُ ﴾ [يوسف : ٤٢] فأنسى الشرابي ﴿ ذِكْرَ رَبِّهِ ﴾ [يوسف : ٤٢] أن يذكره لربه أو عند ربه أو فأنسي يوسف ذكر الله حين وكل أمره إلى غيره، وفي الحديث " رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اذكرني عند ربك لما لبث في السجن سبعاً " ﴿ فَلَبِثَ فِى السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴾ [يوسف : ٤٢] أي سبعاً عند الجمهور والبضع ما بين الثلاث إلى التسع ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّى أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنابُلَـاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَـاتٍ ﴾ [يوسف : ٤٣] لما دنا فرج يوسف رأى ملك مصر الريان بن الوليد رؤيا عجيبة هالته رأى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس وسبع بقرات عجاف فابتلعت العجاف السمان ورأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها وسبعاً أخر يابسات قد إستحصدت وأدركت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها فاستعبرها فلم يجد في قومه من يحسن عبارتها وقيل كان ابتداء بلاء يوسف في الرؤيا ثم كان سبب نجاته أيضاً الرؤيا، سمان جمع سمين وسمينة، والعجاف : المهازيل والعجف
٣٢٠
الهزال الذي ليس بعده سمانة والسبب في وقوع عجاف جمعاً لعجفاء وأفعل وفعلاء لا يجمعان على فعال حمله على نقيضه وهو سمان ومن دأبهم حمل النظير على النظير والنقيض على النقيض وفي الآية دلالة على أن السنبلات اليابسة كانت سبعاً كالخضر لأن الكلام مبني على انصبابه إلى هذا العدد في البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر فوجب أن يتناول معنى الأخر السبع ويكون قوله وآخر يابسات وسبعاً أخر ﴿ يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلا ﴾ [الصافات : ٨] كأنه أراد الأعيان من العلماء والحكماء
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٠
﴿ أَفْتُونِى فِى رُءْيَـاىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ [يوسف : ٤٣] اللام في الرؤيا للبيان، كقوله ﴿ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزاَّهِدِينَ ﴾ [يوسف : ٢٠] أو لأن المفعول به إذا تقدم على الفعل لم يكن في قوته على العمل فيه مثله إذا تأخر عنه فعضد بها تقول عبرت الرؤيا وللرؤيا عبرت أو يكون للرؤيا خبر كان كقولك كان فلان لهذا الأمر إذا كان مستقلاً به متمكناً منه وتعبرون خبر آخر أو حال وحقيقة عبرت الرؤيا ذكرت عاقبتها وآخر أمرها كما تقول عبرت النهر إذا قطعته حتى تبلغ آخر عرضه وهو عبره ونحوه أولت الرؤيا إذا ذكرت مآلها وهو مرجعها وعبرت الرؤيا بالتخفيف هو الذي اعتمده الأثبات ورأيتهم ينكرون عبرت بالتشديد والتعبير والمعبر
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٠
﴿ قَالُوا أَضْغَـاثُ أَحْلَـام ﴾ [الأنبياء : ٥] أي هي أضغاث أحلام أي تخاليطها وأباطيلها وما يكون منها من حديث نفس أو وسوسة شيطان وأصل الأضغاث ما جمع من أخلاط النبات وحزم من أنواع الحشيش، الواحد ضغث فاستعيرت لذلك والإضافة بمعنى من أي أضغاث من أحلام وإنما جمع وهو حلم واحد تزايداً في وصف الحلم بالبطلان وجاز أن يكون قد قص عليهم مع هذه الرؤيا رؤيا غيرها ﴿ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الاحْلَـامِ بِعَـالِمِينَ ﴾ [يوسف : ٤٤] أرادوا بالأحلام المنامات الباطلة فقالوا ليس لها عندنا تأويل إنما التأويل للمنامات الصحيحة أو اعترفوا بقصور علمهم وأنهم ليسوا في تأويل الأحلام بخابرين ﴿ وَقَالَ الَّذِى نَجَا ﴾ [يوسف : ٤٥] من القتل ﴿ مِّنْهُمَا ﴾ من صاحبي السجن ﴿ وَادَّكَرَ ﴾ بالدال هو الفصيح وأصله اذتكر فأبدلت الذال دالاً والتاء دالاً وأدغمت الأولى في
٣٢١


الصفحة التالية
Icon