﴿ قَالَ ﴾ لهن ﴿ مَا خَطْبُكُنَّ ﴾ [يوسف : ٥١] ما شأنكن ﴿ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ﴾ [يوسف : ٥١] هل وجدتن منه ميلاً إليكن ﴿ قُلْنَ حَـاشَ لِلَّهِ ﴾ [يوسف : ٥١] تعجبا من قدرته على خلق عفيف مثله ﴿ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُواءٍ ﴾ [يوسف : ٥١] من ذنب ﴿ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الَْاـانَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ﴾ [يوسف : ٥١] ظهر واستقر ﴿ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّـادِقِينَ ﴾ [يوسف : ٥١] في قوله هي روادتني عن نفسي ولا مزيد على شهادتهم له للبراءة والنزاهة واعترافهن على أنفسهن إنه لم يتعلق بشيء مما قذف به ثم رجع الرسول إلى يوسف وأخبره بكلام النسوة وإقرار امرأة العزيز وشهادتها على نفسها فقال يوسف ﴿ ذَالِكَ ﴾ أي امتناعي من الخروج والتثبت لظهور البراءة ﴿ لِيَعْلَمَ ﴾ العزيز ﴿ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ﴾ [يوسف : ٥٢] بظهر الغيب في حرمته وبالغيب حال من الفاعل أو المفعول على معنى وأنا غائب عنه أو وهو غائب عني أو ليعلم الملك أني لم أخن العزيز ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ ﴾ [المائدة : ٩٧] أي وليعلم أن الله ﴿ لا يَهْدِى كَيْدَ الْخَآ ـاِنِينَ ﴾ [يوسف : ٥٢] لا يسدده وكأنه تعريض بامرأته في خيانتها أمانة زوجها ثم أراد أن يتواضع لله ويهضم نفسه لئلا يكون لها مزكياً وليبين أن ما فيه من الأمانة بتوفيق الله وعصمته فقال ﴿ وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِى ﴾ [يوسف : ٥٣] من الزلل وما أشهد لها بالبراءة الكلية ولا أزكيها في عموم الأفعال أو في هذه الحادثة لما ذكرنا من الهم الذي هو الخطرة البشرية لا عن طريق القصد والعزم
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٤
﴿ إِنَّ النَّفْسَ لامَّارَةُ بِالسُّواءِ ﴾ [يوسف : ٥٣] أراد الجنس أي إن هذا الجنس
٣٢٤
يأمر بالسوء ويحمل عليه لما فيه منن الشهوات ﴿ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّى ﴾ [يوسف : ٥٣] إلا البعض الذي رحمه ربي بالعصمة ويجوز أن يكون ما رحم في معنى الزمان أي إلا وقت رحمة ربي يعني أنها أمارة بالسوء في كل وقت العصمة أو هو استثناء منقطع أي ولكن رحمة ربي يعني أنها أمارة بالسوء في كل وقت إلا وقت العصمة أو هو استثناء منقطع أي ولكن رحمة ربي هي التي تصرف الإساءة، وقيل هو من كلام امرأة العزيز أي ذلك الذي قلت ليعلم يوسف أني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة وجئت بالصدق فيما سئلت عنه وما أبرىء نفسي مع ذلك من الخيانة فإني قد خنته حين قذفته وقلت ما جزاء من أراد بأهلك سوأ إلا أن يسجن وأودعته السجن تريد الاعتذار مما كان منها إن كل نفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إلا نفسها رحمها الله بالعصمة كنفس يوسف ﴿ إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [يوسف : ٥٣] استغفرت ربها واسترحمته مما ارتكبت وإنما جعل من كلام يوسف ولا دليل عليه ظاهر لأن المعنى يقود إليه وقيل هذا من تقديم القرآن وتأخيره أي قوله ذلك ليعلم متصل بقوله فاسئله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٤
﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِى بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِى ﴾ [يوسف : ٥٤] أجعله خالصاً لنفسي ﴿ فَلَمَّا كَلَّمَهُ ﴾ [يوسف : ٥٤] وشاهد منه ما لم يحتسب ﴿ قَالَ ﴾ الملك ليوسف ﴿ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾ [يوسف : ٥٤] ذو مكانة ومنزلة، أمين مؤتمن على كل شيء روي أن الرسول جاءه ومعه سبعون حاجباً وسبعون مركباً وبعث إليه لباس الملوك فقال أجب الملك فخرج من السجن ودعا لأهله اللهم عطّف عليهم قلوب الأخيار ولا تعم عليهم الأخبار فهم أعلم الناس بالأخبار في الواقعات وكتب على باب السجن هذه منازل البلواء وقبور الأحياء وشماتة الأعداء وتجربة الأصدقاء ثم اغتسل وتنظف من درن السجن ولبس ثياباً جدداً فلما دخل على الملك قال : اللهم إني أسألك بخيرك من خيره وأعوذ بعزتك وقدرتك من شره ثم سلم عليه ودعا له بالعبرانية فقال ما هذا اللسان قال : لسان آبائي وكان الملك يتكلم بسبعين لساناً فكلمه بها فأجابه بجميعها فتعجب منه وقال أيها الصديق إني أحب أن أسمع رؤياي منك قال رأيت بقرات فوصف لونهن وأحوالهن ومكان خروجهن ووصف السنابل وما كان منها على الهيئة التي رآها الملك وقال له من حقك أن تجمع الطعام في الأهراء فيأتيك الخلق من
٣٢٥