النواحي ويمتارون منك ويجتمع لك من الكنوز ما لم يجتمع لأحد قبلك قال الملك ومن لي بهذا ومن يجمعه
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٥
﴿ قَالَ ﴾ يوسف ﴿ اجْعَلْنِى عَلَى خَزَآ ـاِنِ الارْضِ ﴾ [يوسف : ٥٥] ولني على خزائن أرضك يعني مصر ﴿ إِنِّى حَفِيظٌ ﴾ [يوسف : ٥٥] أمين أحفظ ما تستحفظنيه ﴿ عَلِيمٌ ﴾ عالم بوجوه التصرف.
وصف نفسه بالأمانة والكفاية وهما طلبة الملوك ممن يولونه وإنما قال ذلك ليتوصل إلى إمضاء أحكام الله وإقامة الحق وبسط العدل والتمكن مما لأجله بعث الأنبياء إلى العباد ولعلمه أن أحداً غيره لا يقوم مقامه في ذلك فطلبه ابتغاء وجه الله لا لحب الملك والدنيا وفي الحديث " رحم الله أخي يوسف لو لم يقل اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته ولكنه أخر ذلك سنة " قالوا وفيه دليل على أنه يجوز أن يتولى الإنسان عمالة من يد سلطان جائر وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة الظلمة وإذا علم النبي أو العالم أنه لا سبيل إلى الحكم بأمر الله ودفع الظلم إلا بتمكين الملك الكافر أو الفاسق فله أن يستظهر به وقيل كان الملك يصدر عن رأيه ولا يتعرض عليه في كل ما رأى وكان في حكم التابع له ﴿ وَكَذالِكَ ﴾ ومثل ذلك التمكين الظاهر ﴿ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الارْضِ ﴾ [يوسف : ٢١] أرض مصر وكان أربعين فرسخاً في أربعين والتمكين الإقدار وإعطاء المكنة ﴿ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ ﴾ [يوسف : ٥٦] أي كل مكان أراد أن يتخذه منزلاً لم يمنع منه لاستيلائه على جميعها ودخولها تحت سلطانه.
نشاء مكي ﴿ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا ﴾ [يوسف : ٥٦] بعطائنا في الدنيا من الملك والغني وغيرهما من النعم ﴿ مَّن نَّشَآءُ ﴾ [الأنعام : ٨٣] من اقتضت الحكمة أن نشاء له ذلك ﴿ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف : ٥٦] في الدنيا ﴿ وَلاجْرُ الاخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [يوسف : ٥٧] يريد يوسف وغيره من المؤمنين إلى يوم القيامة
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٦
﴿ وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس : ٦٣] الشرك والفواحش قال سفيان بن عيينة المؤمن يثاب
٣٢٦
على حسناته في الدنيا والآخرة والفاجر يعجل له الخير في ا لدنيا وماله في الآخرة من خلاق وتلا الآية روى أن الملك توج يوسف وختمه بخاتمه ورداه بسيفه ووضع له سريراً من ذهب مكللاً بالدر الياقوت فقال أما السرير فأشد به ملكك وأما الخاتم فأدبر به أمرك وأما التاج فليس من لباسي ولا لباس آبائي فجلس على السرير ودانت له الملوك وفوض الملك إليه أمره وعزل قطفير ثم مات بعد فزوجه الملك امرأته فلما دخل عليها قال أليس هذا خيراً مما طلبت فوجدها عذراء فولدت له ولدين أفراثيم وميشا وأقام العدل بمصر وأحبته الرجال والنساء وأسلم على يديه الملك وكثير من الناس وباع من أهل مصر في سني القحط الطعام بالدارهم والدنانير في السنة الأولى حتى لم يبق معهم شيء منها ثم بالحلي والجواهر في الثانية ثم بالدواب في الثالثة ثم بالعبيد والإماء في الرابعة ثم بالدور والعقار في الخامسة ثم بأولادهم في السادسة ثم برقابهم في السابعة حتى استرقهم جميعاً ثم أعتق أهل مصر عن آخرهم ورد عليهم أملاكهم وكان لايبيع لأحد من الممتارين أكثر من حمل بعير وأصاب أرض كنعان نحو ما أصاب مصر فأرسل يعقوب بنيه ليمتاروا وذلك قوله
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٦
﴿ وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ ﴾ [يوسف : ٥٨] بلا تعريف ﴿ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ﴾ [يوسف : ٥٨] لتبدل الزي ولأنه كان من وراء الحجاب ولطول المدة وهو أربعون سنة، وروى أنه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لهم أخبروني من أنتم وما شأنكم قالوا نحن قوم من أهل الشام رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار فقال لعلكم جئتم عيوناً تنظرون عورة بلادي فقالوا معاذ الله نحن بنو نبي حزين لفقد ابن كان أحبنا إليه وقد أمسك أخاً له من أمه يستأنس به فقال ائتوني به إن صدقتم ﴿ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ﴾ [يوسف : ٥٩] أعطى كل واحد منهم حمل بعير وقرىء بكسر الجيم شاذاً ﴿ ائْتُونِى بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّى أُوفِى الْكَيْلَ ﴾ [يوسف : ٥٩] أتمه
٣٢٧