﴿ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ﴾ [يوسف : ٥٩] كان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم رغبهم بهذا الكلام على الرجوع إليه
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٧
﴿ عِندِى ﴾ فلا أبيعكم طعاماً ﴿ وَلا تَقْرَبُونِ ﴾ [يوسف : ٦٠] أي فإن لم تأتوني به تحرموا ولا تقربوا فهو داخل في حكم الجزاء مجزوم معطوف على محل قوله فلا كيل لكم أو هم بمعنى النهي ﴿ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ ﴾ [يوسف : ٦١] سنخادعه عنه ونحتال حتى ننزعه من يده ﴿ وَإِنَّا لَفَـاعِلُونَ ﴾ [يوسف : ٦١] ذلك لا محالة لانفرط فيه ولا نتوانى قال فدعوا بعضكم رهناً فتركوا عنده شمعون وكان أحسنهم رأياً في يوسف ﴿ وَقَالَ لِفِتْيَـانِهِ ﴾ [يوسف : ٦٢] كوفي غير أبي بكر لفتيته غيرهم وهما جمع فتى كإخوة وإخوان في أخ وفعلة للقلة وفعلان للكثرة أي لغلمانه الكيالين ﴿ اجْعَلُوا بِضَـاعَتَهُمْ فِى رِحَالِهِمْ ﴾ [يوسف : ٦٢] أوعيتهم وكانت نعالاً أو أدما أو ورقا وهو أليق بالدس في الرحال ﴿ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ ﴾ [يوسف : ٦٢] يعرفون حق ردها وحق التكرم بإعطاء البدلين ﴿ إِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ ﴾ [يوسف : ٦٢] وفرغوا ظروفهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [آل عمران : ٧٢] لعل معرفتهم بذلك تدعوهم إلى الرجوع إلينا أو ربما لا يجدون بضاعة بها يرجعون أو ما فيهم من الديانة يعيدهم لرد الأمانة أو لم ير من الكرم أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمناً ﴿ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ ﴾ [يوسف : ٦٣] بالطعام وأخبروه بما فعل ﴿ قَالُوا يَـا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ ﴾ [يوسف : ٦٣] يريدون قول يوسف فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي لأنهم إذا أنذروا بمنع الكيل فقد منع الكيل ﴿ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ ﴾ [يوسف : ٦٣] نرفع المانع من الكيل ونكتل من الطعام ما نحتاج إليه.
يكتل حمزة وعلى أي يكتل أخوناً فينضم اكتياله إلى اكتيالنا ﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَـافِظُونَ ﴾ [يوسف : ١٢] عن أن يناله مكروه
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٨
﴿ قَالَ هَلْ ءَامَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ ﴾ [يوسف : ٦٤] يعني أنكم قلتم في يوسف أرسله معنا غداً يرتع ويلعب وإناله لحافظون كما تقولونه في أخيه ثم
٣٢٨
خنتم بضمانكم فما يأمنني من مثل ذلك ثم قال ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَـافِظًا ﴾ [يوسف : ٦٤] كوفي غير أبي بكر فتوكل على الله فيه ودفعه إليهم وهو حال أو تمييز ومن قرأ حِفظاً فهو تمييز لا غير ﴿ وَهُوَ أَرْحَمُ الراَّحِمِينَ ﴾ [يوسف : ٦٤] فأرجو أن ينعم عليّ بحفظه ولا يجمع عليّ مصيبتين قال كعب : لما قال فالله خير حفظاً قال الله تعالى وعزتي وجلالي لأردن عليك كليهما
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٨
﴿ نَبْغِى ﴾ ما للنفي أي ما نبغي في القول ولا نتجاوز الحق أو ما نبغي شيئاً وراء ما فعل بنا من الإحسان أو ما نريد منك بضاعة أخرى أو للاستفهام أيْ أيّ شيء نطلب وراء هذا ﴿ هَـاذِهِ بِضَـاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾ جملة مستأنفة موضحة لقوله ما نبغي والجمل بعدها معطوفة عليها أي أن بضاعتنا ردت إلينا فنستظهر بها ﴿ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ﴾ [يوسف : ٦٥] في رجوعنا إلى الملك أي نجلب لهم ميرة وهي طعام يحمل من غير بلدك ﴿ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ﴾ [يوسف : ٦٥] في ذهابنا ومجيئنا فما يصيبه شيء مما تخافه ﴿ وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ﴾ [يوسف : ٦٥] وسق بعير باستصحاب أخينا ﴿ ذالِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ﴾ [يوسف : ٦٥] سهل عليه متيسر لا يتعاظمه ﴿ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ ﴾ [يوسف : ٦٦] وبالياء مكي ﴿ مَوْثِقًا ﴾ عهداً ﴿ مَنَّ اللَّهُ ﴾ [الجن : ٢٢] والمعنى حتى تعطوني ما أتوثق به من عند الله أي أراد أن يحلفوا له بالله وإنما جعل الحلف بالله موثقاً منه لأن الحلف به مما يؤكد به العهود وقد أذن الله في ذلك فهو إذن منه
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٩
﴿ لَتَأْتُنَّنِى بِهِ ﴾ [يوسف : ٦٦] جواب اليمين لأن المعنى حتى تحلفوا لتأتنني به ﴿ إِلا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ﴾ [يوسف : ٦٦] إلا أن تغلبوا فلم تطيقوا الإتيان به فهو مفعول له والكلام المثبت وهو قوله لتأتنني به في تأويل النفي أي لا تمتنعوا من الإتيان به إلا للإحاطة بكم
٣٢٩