يعني لا تمتنعون منه لعلة من العلل إلا العلة واحدة وهي أن يحاط بكم فهو استثناء من أعم العام في المفعول له والاستثناء من أعم العام لا يكون إلا في النفي فلا بد من تأويله بالنفي ﴿ فَلَمَّآ ءَاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ ﴾ [يوسف : ٦٦] قيل حلفوا بالله رب محمد عليه السلام ﴿ قَالَ ﴾ بعضهم يسكت عليه لأن المعنى قال يعقوب ﴿ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ ﴾ [يوسف : ٦٦] من طلب الموثق وإعطائه ﴿ وَكِيلٌ ﴾ رقيب مطلع غير أن السكتة تفصل بين القول والمقول وذا لا يجوز فالأولى يأن يفرق بينهما بالصوت فيقصد بقوة النغمة اسم الله ﴿ وَقَالَ يَـابَنِىَّ لا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ﴾ الجمهور على أنه خاف عليهم العين لجمالهم وجلالة أمرهم ولم يأمرهم بالتفرق في الكرة الأولى لأنهم كانوا مجهولين في الكرة الأولى فالعين حق عندنا وجود بأن يحدث الله تعالى عند النظر إلى الشيء والإعجاب به نقصاناً فيه وخللا وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يعوّذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فيقول :" أعيذكما بكلمات الله التامة من كل هامة ومن كل عين لامة " وأنكر الجبائي العين وهو مردود بما ذكرنا وقيل إنه أحب أن لا يفطن بهم أعداؤهم فيحتالوا لإهلاكهم ﴿ وَمَآ أُغْنِى عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَىْءٍ ﴾ [يوسف : ٦٧] أي إن كان الله أراد بكم سوءاً لم ينفعكم ولم يدفع عنكم ما أسرت به عليكم من التفرق وهو مصيبكم لا محالة ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف : ٦٧] التوكل تفويض الأمر إلى الله تعالى والاعتماد عليه ﴿ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم ﴾ [يوسف : ٦٨] أي متفرقين ﴿ مَّا كَانَ يُغْنِى عَنْهُم ﴾ [يوسف : ٦٨] دخولهم من أبواب متفرقة ﴿ مِّنَ اللَّهِ مِن شَىْءٍ ﴾ [يوسف : ٦٨] أي شيئاً قط حيث أصابهم ما
٣٣٠
ساءهم مع تفرقهم من إضافة السرقة إليهم وافتضاحهم بذلك وأخذ أخيهم بوجدان الصواع في رحله وتضاعف المصيبة على أبيهم ﴿ إِلا حَاجَةً ﴾ [يوسف : ٦٨] استثناء منقطع أي ولكن حاجة ﴿ فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاـهَا ﴾ [يوسف : ٦٨] وهي شفقته عليهم ﴿ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ ﴾ [يوسف : ٦٨] يعني قوله وما أغنى عنكم وعلمه بأن القدر لا يغني عنه الحذر ﴿ لِّمَا عَلَّمْنَـاهُ ﴾ [يوسف : ٦٨] لتعليمنا إياه ﴿ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف : ١٨٧] ذلك
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٢٩
﴿ وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ ءَاوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ ﴾ [يوسف : ٦٩] ضم إليه بنيامين وروى أنهم قالوا له هذا أخونا قد جئناك به فقال لهم أحسنتم فأنزلهم وأكرمهم ثم أضافهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة فبقى بنيامين وحده فبكى وقال لو كان أخي يوسف حياً لأجلسني معه فقال يوسف بقي أخوكم وحيداً فأجلسه معه على مائدته وجعل يؤاكله وقال له أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك قال ومن يجد أخا مثلك ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل فبكى يوسف وعانقه ثم ﴿ قَالَ ﴾ له }