﴿ إِنِّى أَنَا أَخُوكَ ﴾ [يوسف : ٦٩] يُوسُف ﴿ فَلا تَبْتَـاـاِسْ ﴾ [يوسف : ٦٩] فلا تحزن ﴿ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام : ١٠٨] بنافيما مضى فإن الله قد أحسن إلينا وجمعنا على خير ولا تعلمهم بما أعلمتك وروى أنه قال له فأنا لا أفارقك قال لقد علمت اغتمام والدي بي فإن حسبتك ازداد غمه ولا سبيل إلى ذلك ألا أن أنسبك إلا ما لا يحمد قال لا أبالي فافعل ما بدا لك قال فإني أدس صاعي في رحلك ثم أنادي عليك بأنك سرقته ليتهيأ لي ردك بعد تسريحك معهم فقال افعل ﴿ فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ ﴾ [يوسف : ٧٠] هيأ أسبابهم وأوفى الكيل لهم ﴿ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِى رَحْلِ أَخِيهِ ﴾ [يوسف : ٧٠] السقاية هي مشربة يسقي بها وهي الصواع قيل كان يسقي بها الملك ثم جعلت صاعاً يكال به لعزة الطعام وكان يشبه الطاس من فضة أو ذهب ﴿ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ ﴾ [يوسف : ٧٠] ثم نادى مناد آذنه أي أعلمه وأذن أكثر الأعلام ومنه المؤذن لكثرة ذلك منه روى أنهم ارتلحوا وأمهلهم يوسف عليه السلام حتى انطلقوا ثم أمر بهم فأدركوا وحبسوا ثم قيل لهم ﴿ أَيَّتُهَا الْعِيرُ ﴾ [يوسف : ٧٠] هي الإبل التي عليها الأحمال لأنها تعير أي تذهب وتجيء والمراد أصحاب العير ﴿ إِنَّكُمْ لَسَـارِقُونَ ﴾ [يوسف : ٧٠] كناية عن سرقتهم أياه من أبيه.
٣٣١
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣١
﴿ قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ * قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ ﴾ هو الصاع ﴿ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ﴾ [يوسف : ٧٢] يقول المؤذن يريد وأنا بحمل البعير كفيل أوديه إلى من جاء به وأراد وسق بعير من طعام جعلا لمن حصله ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ ﴾ [يوسف : ٩٥] قسم فيه معنى التعجب مما أضيف إليهم ﴿ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِى الارْضِ ﴾ [يوسف : ٧٣] استشهدوا بعلمهم لما ثبت عندهم من دلائل دينهم وأمانتهم حيث دخلوا وأفواه رواحلهم مشدودة لئلا تتناول زرعاً أو طعاماً لأحد من أهل السوق ولأنهم ردوا بضاعتهم التي وجدوها في رحالهم ﴿ وَمَا كُنَّا سَـارِقِينَ ﴾ [يوسف : ٧٣] وما كنا نوصف قط بالسرقة ﴿ قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ ﴾ [يوسف : ٧٤] الضمير للصواع أي فما جزاء سرقته ﴿ إِن كُنتُمْ كَـاذِبِينَ ﴾ [يوسف : ٧٤] في جحودكم وادعائكم البراءة منه ﴿ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِ ﴾ [يوسف : ٧٥] أي جزاء سرقته أخذ من وجد في رحله وكان حكم السارق في آل يعقوب أن يسترق سنة فلذلك استفتوا في جزائه وقولهم ﴿ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ﴾ [يوسف : ٧٥] تقرير للحكم أي فأخذ السارق نفسه هو جزاؤه لا غير أو جزاؤه مبتدأ والجملة الشرطية كما هي خبره ﴿ كَذَالِكَ نَجْزِى الظَّـالِمِينَ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣٢
يوسف : ٧٥] أي السراق بالاسترقاق ﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ﴾ [يوسف : ٧٦] فبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل وعاء بنيامين لنفي التهمة حتى بلغ وعاءه فقال ما أظن هذا أخذ شيئاً فقالوا والله لا نتركه حتى تنظر في رحله فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا ﴿ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا ﴾ [يوسف : ٧٦] أي الصواع ﴿ مِن وِعَآءِ أَخِيهِ ﴾ [يوسف : ٧٦] ذكر ضمير الصواع مرات ثم أنثه لأن التأنيث يرجع إلى السقاية أو لأن الصواع يذكر ويؤنث الكاف في ﴿ كَذَالِكَ ﴾ في محل النصب أي مثل ذلك الكيد العظيم ﴿ كِدْنَا لِيُوسُفَ ﴾ [يوسف : ٧٦] يعني علمناه إياه ﴿ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ ﴾ [يوسف : ٧٦] تفسير للكيد وبيان له لأن الحكم في دين الملك أي في سيرته للسارق أني يغدم مثلي ما أخذ
٣٣٢
لا أن يستعبد ﴿ إِلا أَن يَشَآءَ اللَّهُ ﴾ [الإنسان : ٣٠] أي ما كان ليأخذه إلا بمشيئة الله وإرادته فيه ﴿ نَرْفَعُ دَرَجَـاتٍ ﴾ [الأنعام : ٨٣] بالتنوين كوفي ﴿ مَّن نَّشَآءُ ﴾ [الأنعام : ٨٣] أي في العلم كما رفعنا درجة يوسف فيه ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف : ٧٦] فوقه أرفع درجة منه في علمه أو فوق العلماء كلهم عليهم هم دونه في العلم وهو الله عز وجل
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣٢