﴿ قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ ﴾ أرادوا يوسف قيل دخل كنيسة فأخذ تمثالاً صغيراً من ذهب كانوا يعبدونه فدفنه وقيل كان في المنزل دجاجة فأعطاها السائل وقيل كانت منطقة لإبراهيم عليه السلام يتوارثها أكابر ولده فورثها إسحاق ثم وقعت إلى ابنته وكانت أكبر أولاده فحضنت يوسف وهي عمته بعد وفاة أمه وكانت لا تصبر عنه فلما شب أراد يعقوب أن ينزعه منها فعمدت إلى المنطقة فحزمتها على يوسف تحت ثيابه وقالت فقدت منطقة إسحاق فانظروا من أخذها فوجدوها محزومة على يوسف فقالت إنه لي سَلَم أفعل به ما شئت فخلاه يعقوب عندها حتى ماتت وروى أنهم لما استخرجوا الصاع من رحل بنيامين نكس إخوته رؤوسهم حياء وأقبلوا عليه وقالوا له فضحتنا وسودت وجوهنا يا بني راحيل ما يزال لنا منكم بلاء متى أخذ هذا الصاع فقال بنو راحيل الذين لا يزال منكم عليهم بلاء ذهبتم بأخي فأهلكتموه ووضع هذا الصواع في رحلي الذي وضع البضاعة في رحالكم ﴿ فَأَسَرَّهَا ﴾ أي مقالتهم إنه سرق كأنه لم يسمعها ﴿ يُوسُفُ فِى نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ﴾ [يوسف : ٧٧] تمييز أي أنتم شر منزلة في السرق لأنكم سرقتم أخاكم يوسف من أبيه ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف : ٧٧] تقولون أو تكذبون ﴿ قَالُوا يَـا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُا أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا ﴾ [يوسف : ٩٧-٧٨] في السن وفي القدر ﴿ فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُا ﴾ [يوسف : ٧٨] أبدله على وجه الاسترهان أو الاستعباد فإن أباه يتسلى به عن أخيه المفقود ﴿ إِنَّا نَرَاـاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف : ٣٦] إِلينا فأتمم إحسانك أو من عادتك الإحسان فاجر على عادتك ولا تغيرها
٣٣٣
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣٣
﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلا مَن وَجَدْنَا مَتَـاعَنَا عِندَهُ ﴾ [يوسف : ٧٩] أي نعوذ بالله معاذاً من أن نأخذ فأضيف المصدر إلى المفعول به وحذف من ﴿ إِنَّآ إِذًا لَّظَـالِمُونَ ﴾ [يوسف : ٧٩] إذاً جواب لهم وجزاء لأن المعنى إن أخذنا بدله ظلمنا وهذا لأنه وجب على قضية فتواكم أخذ من وجد الصاع في رحله واستبعاده فلو أخذنا غيره كان ذلك ظلماً في مذهبكم فلم تطلبون ما عرفتم أنه ظلم ﴿ فَلَمَّا اسْتَيْـاَسُوا ﴾ [يوسف : ٨٠] يئسوا وزيادة السين والتاء للمبالغة كما مر في استعصم ﴿ مِنْهُ ﴾ من يوسف وإجابته إياهم ﴿ خَلَصُوا ﴾ انفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم سواهم ﴿ نَجِيًّا ﴾ ذوي نجوى أو فوجاً نجيا أي مناجياً لمناجاة بعضهم بعضاً أو تمحضوا تناجيا لاستجماعهم لذلك وإفاضتهم فيه بجد واهتمام كأنهم في أنفسهم صورة التناجي وحقيقته فالنجيُّ يكون بمعنى المناجي كالسمير بمعنى المسامر وبمعنى المصدر الذي هو التناجي وكان تناجيهم في تدبير أمرهم على أي صفة يذهبون وماذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم ﴿ قَالَ كَبِيرُهُمْ ﴾ [يوسف : ٨٠] في السن وهو روبيل أو في العقل والرأي وهو يهوذا أو رئيسهم وهو شمعون ﴿ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِى يُوسُفَ ﴾ [يوسف : ٨٠] ما صلة أي ومن قبل هذا قصرتم في شأن يوسف ولم تحفظوا عهد أبيكم أو مصدرية ومحل المصدر الرفع على الابتداء وخبره الظرف وهو من قبل ومعناه وقع من قبل تفريطكم في يوسف ﴿ فَلَنْ أَبْرَحَ الارْضَ ﴾ [يوسف : ٨٠] فلن أفارق أرض مصر ﴿ حَتَّى يَأْذَنَ لِى أَبِى ﴾ [يوسف : ٨٠] في الإنصراف إليه ﴿ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِى ﴾ [يوسف : ٨٠] بالخروج منها أو بالموت أو بقتالهم ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الْحَـاكِمِينَ ﴾ [الأعراف : ٨٧] لأنه لا يحكم إلا بالعدل ﴿ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَـا أَبَانَآ إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ﴾ وقرىء سرِّق أي
٣٣٤
نسب إلى السرقة ﴿ وَمَا شَهِدْنَآ ﴾ [يوسف : ٨١] عليه بالسرقة ﴿ إِلا بِمَا عَلِمْنَا ﴾ [يوسف : ٨١] من سرقته وتيقنا إذ الصواع استخرج من وعائه ﴿ وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَـافِظِينَ ﴾ [يوسف : ٨١] وما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الموثق
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣٤


الصفحة التالية
Icon