ونحن نستحي منك لما فرط منا فيك فقال يوسف إن أهل مصر وإن ملكت فيهم فإنهم ينظرون إليَّ بالعين الأولى ويقولون سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ ولقد شرفت الآن بكم حيث علم الناس أني من حفدة إبراهيم ﴿ وَهُوَ أَرْحَمُ الراَّحِمِينَ ﴾ [يوسف : ٦٤] أي إذا رحمتكم وأنا الفقير القتور فما ظنكم بالغني الغفور ثم سألهم عن حال أبيه فقالوا إنه عمي من كثرة البكاء قال :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣٨
﴿ اذْهَبُوا بِقَمِيصِى هَـاذَا ﴾ [يوسف : ٩٣] قيل هو القميص المتواراث الذي كان في تعويذ يوسف وكان من الجنة أمره جبريل أن يرسله إليه فإنه فيه ريح الجنة لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي ﴿ فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا ﴾ [يوسف : ٩٣] يصر بصيراً تقول جاء البناء محكماً أي صار أو يأت إلي وهو بصير قال يهوذا أنا أحمل قميص الشفاء كما ذهبت بقميص الجفاء وقيل حمله وهو حاف حاسر من مصر إلى كنعان وبينهما مسيرة ثمانين فرسخاً ﴿ وَأْتُونِى بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [يوسف : ٩٣] لينعموا بآثار ملكي كما اغتموا بأخبار هلكي
﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ ﴾ [يوسف : ٩٤] خرجت من عريش مصر يقال فصل من البلد فصولاً إذا انفصل منه وجاوز حيطانه ﴿ قَالَ أَبُوهُمْ ﴾ [يوسف : ٩٤] لولد ولده ومن حوله من قومه ﴿ إِنِّى لاجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ﴾ [يوسف : ٩٤] أوجده الله ريح القميص حين أقبل من مسيرة ثمانية أيام ﴿ لَوْلا أَن تُفَنِّدُونِ ﴾ [يوسف : ٩٤] التفنيد النسبة إلى الفند وهو الخرف وإنكار العقل من هرم يقال شيخ مفند والمعنى لولا تفنيدكم إياي لصدقتموني
٣٣٩
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٣٩
﴿ قَالُوا ﴾ أي أسباطه ﴿ تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَـالِكَ الْقَدِيمِ ﴾ [يوسف : ٩٥] لفي ذهابك عن الصواب قديماً في إفراط محبتك ليوسف أو في خطئك القديم من حب يوسف وكان عندهم أنه قد مات ﴿ فَلَمَّآ أَن جَآءَ الْبَشِيرُ ﴾ [يوسف : ٩٦] أي يهوذا ﴿ أَلْقَـاـاهُ عَلَى وَجْهِهِ ﴾ [يوسف : ٩٦] طرح البشير القميص على وجه يعقوب أو ألقاه يعقوب ﴿ فَارْتَدَّ ﴾ فرجع ﴿ بَصِيرًا ﴾ يقال رده فارتد وارتده إذا ارتجعه ﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ ﴾ [يوسف : ٩٦] يعني قوله إني لأجد ريح يوسف أو قوله ولا تيأسوا من روح الله وقوله ﴿ إِنِّى أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف : ٩٦] كلام مبتدأ لم يقع عليه القول أووقع عليه والمراد قوله إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون وروى أنه سأل البشير كيف يوسف قال هو ملك مصر فقال ما أصنع بالملك على أي دين تركته قال على دين الإسلام قال : الآن تمت النعمة ﴿ قَالُوا يَـا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَـاطِاِينَ ﴾ [يوسف : ٩٧] أي سل الله مغفرة ما ارتكبنا في حقك وحق ابنك إنا تبنا واعترفنا بخطايانا ﴿ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّى إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف : ٩٨] أخر الاستغفار إلى وقت السحر أو إلى ليلة الجمعة أو ليتعرف حالهم في صدق التوبة أو إلى أن يسأل يوسف هل عفا عنهم ثم إن يوسف وجه إلى أبيه جهازاً ومائتي راحلة ليتجهز إليه بمن معه فلما بلغ قريباً من مصر خرج يوسف والملك في أربعة آلاف من الجند والعظماء وأهل مصر بأجمعهم فتلقوا يعقوب وهو يمشي يتوكأ على يهوذا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٠
﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ ءَاوَى إِلَيْهِ ﴾ [يوسف : ٩٩] ضم إليه ﴿ أَبَوَيْهِ ﴾ واعتنقهما قيل كانت أمه باقية وقيل ماتت وتزوج أبوه خالته والخالة أم كما أن العم أب ومنه
٣٤٠