﴿ رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ ﴾ [يوسف : ١٠١] ملك مصر ﴿ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الاحَادِيثِ ﴾ [يوسف : ١٠١] تفسير كتب الله أو تعبير الرؤيا ومن فيهما للتبعيض إذ لم يؤت إلا بعض ملك الدنيا وبعض التأويل ﴿ فَاطِرَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [يوسف : ١٠١] انتصابه على النداء ﴿ أَنتَ وَلِىِّ فِى الدُّنُيَا وَالاخِرَةِ ﴾ أنت الذي تتولاني بالنعمة في الدارين وتوصل الملك الفاني بالملك الباقي ﴿ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا ﴾ [يوسف : ١٠١] طلب الوفاة على حال الإسلام كقول يعقوب لولده ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون وعن الضحاك مخلصاً وعن التستري مسلِّماً إليك أمري وفي عصمة الأنبياء إنما دعا به يوسف ليقتدي به قومه ومن بعده ممن ليس بمأمون العاقبة لأن ظواهر الأنبياء لنظر الأمم إليهم ﴿ وَأَلْحِقْنِى بِالصَّـالِحِينَ ﴾ [يوسف : ١٠١] من آبائي أو على على العموم روى أن يوسف أخذ بيد يعقوب فطاف به في خزائنه فأدخله خزائن الذهب والفضة وخزائن الثياب وخزائن السلاح حتى أدخله خزانة القراطيس قال يا بني ما أعقك عندك هذه القراطيس وما كتبت إلى على ثمان مراحل فقال أمرني جبريل قال أو ما تسأله قال أنت أبسط إليه مني فاسأله فقال جبريل : الله أمرني بذلك لقولك وأخاف أن يأكله الذئب فهلا خفتني وروى أن يعقوب أقام معه أربعاً وعشرين سنة ثم مات وأوصى أن يدفنه بالشام إلى جنب أبيه إسحاق فمضى بنفسه ودفنه ثمة ثم عاد إلى مصر وعاش بعد أبيه ثلاثاً وعشرين سنة فلما تم أمره طلبت نفسه الملك الدائم فتمنى الموت وقيل ما تمناه نبي قبله ولا بعده فتوفاه الله طيباً طاهراً فتخاصم أهل مصر وتشاحوا في دفنه كل يحب أن يدفن في محلتهم حتى هموا بالقتال فرأوا أن يعملوا له صندوقاً من مرمر وجعلوه فيه ودفنوه في النيل بمكان يمر عليه الماء ثم يصل إلى مصر ليكونوا كلهم فيه شرعاً حتى نقل موسى عليه السلام بعد أربعمائة سنة تابوته إلى بيت المقدس وولد له أفراثيم وميشا وولد لإفراثيم نون ولنون يوشع فتى موسى ولقد توارثت الفراعنة من العماليق بعده مصر ولم تزل بنو إسرائيل تحت أيدهم على بقايا دين يوسف وآبائه
٣٤٢
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٢
﴿ ذَالِكَ ﴾ إشارة إلى ما سبق من نبأ يوسف والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو مبتدأ ﴿ مِنْ أَنابَآءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ﴾ [آل عمران : ٤٤] خبر إن ﴿ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ ﴾ [يوسف : ١٠٢] لدى بني يعقوب ﴿ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ ﴾ [يوسف : ١٠٢] عزموا على ما هموا به من إلقاء يوسف في البئر ﴿ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾ [يوسف : ١٠٢] بيوسف ويبغون له الغوائل والمعنى أن هذا النبأ غيب لم يحصل لك إلا من جهة الوحي لأنك لم تحضر بني يعقوب حين اتفقوا على إلقاء أخيهم في البئر ﴿ وَمَآ أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف : ١٠٣] أراد العموم أو أهل مكة أي وما هم بمؤمنين ولو اجتهدت كل الاجتهاد على إيمانهم ﴿ وَمَا تَسْـاَلُهُمْ عَلَيْهِ ﴾ [يوسف : ١٠٤] على التبليغ أو على القرآن ﴿ مِنْ أَجْرٍ ﴾ [الفرقان : ٥٧] جعل ﴿ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ ﴾ [يوسف : ١٠٤] ما هو إلا موعظة ﴿ لِّلْعَـالَمِينَ ﴾ وحث على طلب النجاة على لسان رسول من رسله ﴿ وَكَأَيِّن مِّنْ ءَايَةٍ ﴾ [يوسف : ١٠٥] من علامة ودلالة على الخالق وعلى صفاته وتوحيده ﴿ فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا ﴾ [يوسف : ١٠٥] على الآيات أو على الأرض ويشاهدونها ﴿ وَهُمْ عَنْهَا ﴾ [يوسف : ١٠٥] عن الآيات ﴿ مُعْرِضُونَ ﴾ لا يعتبرون بها والمراد ما يرون من آثار الأمم الهالكة وغير من العبر ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلا وَهُم مُّشْرِكُونَ ﴾ [يوسف : ١٠٦] أي وما يؤمن أكثرهم في إقراره بالله وبأنه خلقه وخلق السماوات والأرض إلا وهو مشرك بعبادة الوثن الجمهور على أنها نزلت في المشركين لأنهم مقرون بالله خالقهم ورازقهم وإذا حزبهم أمر شديد دعوا الله ومع ذلك يشركون به غيره ومن جملة الشرك ما يقوله
٣٤٣
القدرية من إثبات قدرة التخليق للعبد، والتوحيد المحض ما يقوله أهل السنة وهو أنه لا خالق إلا الله
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٣