﴿ الامار ﴾ أنا الله أعلم وأرى عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ تِلْكَ ﴾ إشارة إلى آيات السورة ﴿ الْكِتَـابِ الْحَكِيمِ ﴾ [يونس : ١] أريد بالكتاب السورة أي تلك الآيات آيات السورة الكاملة العجيبة في بابها ﴿ وَالَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ﴾ [الرعد : ١] أي القرآن كله ﴿ الْحَقُّ ﴾ خبر والذي ﴿ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [هود : ١٧] فيقولون تقوَّله محمد ثم ذكر ما يوجب الإيمان فقال ﴿ اللَّهُ الَّذِى رَفَعَ السَّمَـاوَاتِ ﴾ [الرعد : ٢] أي خلقها مرفوعة لا أن تكون موضوعة فرفعها والله مبتدأ والخبر الذي رفع السماوات ﴿ بِغَيْرِ عَمَدٍ ﴾ [الرعد : ٢] حال وهو جمع عماد أو عمود ﴿ تَرَوْنَهَا ﴾ الضمير يعود إلى السماوات أي ترونها كذلك فلا حاجة إلى البيان أو إلى عمد فيكون في موضع جر على أنه صفة لعمد أي بغير عمد مرئية ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الفرقان : ٥٩] استولى بالاقتدار ونفوذ السلطان ﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ [الرعد : ٢] لمنافع عباده ومصالح بلاده ﴿ كُلٌّ يَجْرِى لاجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ [الزمر : ٥] وهو انقضاء الدنيا ﴿ يُدَبِّرُ الامْرَ ﴾ [يونس : ٣١] أمر ملكوته وربوبيته ﴿ يُفَصِّلُ الايَـاتِ ﴾ [الرعد : ٢] يبين آياته في كتبه المنزلة ﴿ لَعَلَّكُم بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾ [الرعد : ٢] لعلكم توقنون بأن هذا المدبر والمفصل لا بد لكم من الرجوع إليه
٣٤٧
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٧
﴿ وَهُوَ الَّذِى مَدَّ الارْضَ ﴾ [الرعد : ٣] بسطها ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ ﴾ [فصلت : ١٠] جبالاً ثوابت ﴿ وَأَنْهَـارًا ﴾ جارية ﴿ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾ [الرعد : ٣] أي الأسود والأبيض والحلو والحامض والصغير والكبير وما أشبه ذلك ﴿ وَهُوَ الَّذِى مَدَّ ﴾ [الرعد : ٣] يلبسه مكانه فيصير أسود مظلماً بعد ما كان أبيض منيراً.
يغشِّي حمزة وعلي وأبو بكر ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَـاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرعد : ٣] فيعلمون أن لها صانعاً عليماً حكيماً قادراً ﴿ وَفِى الارْضِ قِطَعٌ مُّتَجَـاوِرَاتٌ ﴾ [الرعد : ٤] بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة طيبة إلى سبخة وكريمة إلى زهيدة وصلبة إلى رخوة وذلك دليل على قادر مدبر مريد موقع لأفعاله على وجه دون وجه ﴿ وَجَنَّـاتٌ ﴾ معطوفة على قطع ﴿ مِّنْ أَعْنَـابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ ﴾ [الرعد : ٤] بالرفع مكي وبصري وحفص عطف على قطع غيرهم بالجر بالعطف على أعناب، والصنوان جمع صنو وهي النخلة لها رأسان وأصلها واحد عن حفص بضم الصاد وهما لغتان ﴿ يُسْقَى بِمَآءٍ وَاحِدٍ ﴾ [الرعد : ٤] وبالياء عاصم وشامي ﴿ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ﴾ [الرعد : ٤] وبالياء حمزة وعلى
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٨
﴿ فِى الاكُلِ ﴾ [الرعد : ٤] في الثمرة وبسكون الكاف نافع ومكي ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَـاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الرعد : ٤] عن الحسن مثل اختلاف القلوب في آثارها وأنوارها وأسرارها باختلاف القطع في أنهارها وأزهارها وثمارها ﴿ وَإِن تَعْجَبْ ﴾ [الرعد : ٥] يا محمد من قولهم في إنكار البعث ﴿ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ﴾ [الرعد : ٥] خبر ومبتدأ أي فقولهم حقيق بأن يتعجب منه لأن من قدر على إنشاء ما عدد عليك كان الإعادة أهون شيء عليه وأيسره فكان إنكارهم أعجوبة عن الأعاجيب ﴿ مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ في محل الرفع بدل من قولهم.
قرأ عاصم وحمزة
٣٤٨
كل واحد بهمزتين ﴿ أُوالَـاـاـاِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ﴾ [الرعد : ٥] أولئك الكافرون المتمادون في كفرهم ﴿ وَأُوالَـاـاـاِكَ الاغْلَـالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ ﴾ [الرعد : ٥] وصف لهم بالإصرار أو من جملة الوعيد ﴿ وَأُوالَـائِكَ أَصْحَـابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـالِدُونَ ﴾ [البقرة : ٢١٧] دل تكرار أولئك على تعظيم الأمر
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٤٨


الصفحة التالية
Icon