أي من أجل أن الله تعالى أمرهم بحفظه أو يحفظونه من بأس الله ونقمته إذا أذنب بدعائهم له ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ ﴾ [الرعد : ١١] من العافية والنعمة ﴿ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ [الرعد : ١١] من الحال الجميلة بكثرة المعاصي ﴿ وَإِذَآ أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُواءًا ﴾ [الرعد : ١١] عذاباً ﴿ فَلا مَرَدَّ لَهُ ﴾ [الرعد : ١١] فلا يدفعه شيء ﴿ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴾ [الرعد : ١١] من دون الله ممن يلي أمرهم ويدفع عنهم
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٠
﴿ هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [الرعد : ١٢] انتصبا على الحال من البرق كأنه في نفسه خوف وطمع أو على ذا خوف وذا طمع أو من المخاطبين أي خائفين وطامعين والمعنى يخاف من وقوع الصواعق عند لمع البرق ويطمع في الغيث قال أبو الطيب :
فتى كالسحاب الجون يخشى ويرتجي
يرجّى الحيا ومنه وتخشى الصواعق
أو يخاف المطر من له فيه ضرر كالمسافر ومن له بيت يكف ومن البلاد ما لا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر ويطمع فيه من له نفع فيه ﴿ وَيُنشِىءُ السَّحَابَ ﴾ [الرعد : ١٢] هو اسم جنس والواحدة سحابة ﴿ الثِّقَالَ ﴾ بالماء وهو جميع ثقيلة، تقول سحابة ثقيلة وسحاب ثقال ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الرعد : ١٣] قيل يسبح سامعو الرعد من العباد الراجين للمطر أي يصيحون بسبحان الله والحمد لله وعن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال :" الرعد ملك موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب } والصوت الذي يسمع زجره السحاب حتى ينتهي إلى حيث أمر ﴿ وَالْمَلَـائكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ﴾ [الرعد : ١٣] ويسبح الملائكة من هيبته وإجلاله ﴿ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ ﴾ [الرعد : ١٣] الصاعقة : نار تسقط من السماء لما ذكر علمه النافذ في كل شيء واستواء الظاهر والخفي عنده وما دل على قدرته الباهرة ووحدانيته قال :﴿ وَهُمْ يُجَـادِلُونَ فِى اللَّهِ ﴾ [الرعد : ١٣] يعني الذين كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يجادلون في الله حيث ينكرون على رسوله ما يصفه به من القدرة على البعث
٣٥١
وإعادة الخلائق بقولهم :﴿ مَن يُحْىِ الْعِظَـامَ وَهِىَ رَمِيمٌ ﴾ [غافر : ٨-٧٨].
ويردون الوحدانية باتخاذ الشركاء ويجعلونه بعض الأجسام بقولهم الملائكة بنات الله.
أو الواو للحال أي فيصيب بها من يشاء في حال جدالهم وذلك أن أريد أخا لبيد بن ربيعة العامري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم حين وفد عليه مع عامر بن الطفيل قاصدين لقتله فرمى الله عامراً بغدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية وأرسل على أربد صاعقة فقتله أخبرني عن ربنا أمن نحاس هو أم من حديد
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥١
﴿ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ [الرعد : ١٣] أي المماحلة وهي شدة المماكرة والمكايدة ومنه تمحل لكذا إذا تكلف لاستعماله الحيلة واجتهد فيه، ومحل بفلان إذا كاده وسعى به إلى السلطان والمعنى أنه شديد المكر والكيد لأعدائه يأتيهم بالهلكة من يحث لا يحتسبون
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥١
﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ﴾ [الرعد : ١٤] أضيفت إلى الحق الذي هو ضد الباطل للدلالة على أن الدعوة ملابسة للحق وأنها بمعزل من الباطل والمعنى أن الله سبحانه يدعى فيستجيب الدعوة ويعطي الداعي سؤله فكانت دعوة ملابسة للحق لكونه حقيقاً بأنه يوجه إليه الدعاء لما في دعوته من الجدوى والنفع بخلاف ما لا ينفع ولا يجدي دعاؤه واتصال شديد المحال وله دعوة الحق بما قبله على قصة أربد ظاهر لأن إصابته بالصاعقة محال من الله ومكر به من حيث لم يشعر وقد دعا رسول الله عليه وعلى صاحبه بقوله :" اللهم اخسفهما بما شئت " فأجيب فيهما فكانت الدعوة
٣٥٢


الصفحة التالية
Icon