واللام في ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا ﴾ [الرعد : ١٨] أي أجابوا متعلقة بيضرب أي كذلك يضرب الله الأمثال للمؤمنين الذين استجابوا ﴿ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى ﴾ [الرعد : ١٨] وهي صفة لمصدر استجابوا أي استجابوا الاستجابة الحسنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسيْتَجِيبُوا لَهُ } أي وللكافرين الذي لم يستجيبوا أي هما مثلاً الفريقين وقوله ﴿ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِى الارْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ افْتَدَوْا بِهِ ﴾ [الرعد : ١٨] كلام مبتدأ في ذكر ما أعد لغير المستجيبين أي لو ملكوا أموال الدنيا وملكوا معها مثلها لبذلوه ليدفعوا عن أنفسهم عذاب الله والوجه أن الكلام قد تم على الأمثال وما بعده كلام مستأنف والحسنى مبتدأ خبره للذين استجابوا والمعنى لهم المثوبة الحسنى وهي الجنة والذين لم يستجيبوا مبتدأ خبره لو مع ما في حيزه ﴿ أؤلئك لَهُمْ سُواءُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد : ١٨] المناقشة فيه في الحديث " من نوقش الحساب عذاب " ﴿ وَمَأْوَاـاهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ [التوبة : ٩٥] ومرجعهم بعد المحاسبة الناس ﴿ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران : ١٢] المكان الممهد والمذموم محذوف أي جهنم، دخلت همزة الإنكار على الفاء في ﴿ أَفَمَن يَعْلَمُ ﴾ [الرعد : ١٩] لإنكار أن تقع شبهة ما بعد ما ضرب من المثل في أن حال من علم ﴿ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ ﴾ [الرعد : ١٩] فاستجاب بمعزل من حال الجاهل الذي لم يستبصر فيستجيب وهو المراد بقوله :﴿ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى ﴾ [الرعد : ١٩] كبعد ما بين الزبد والماء والخبث والإبريز ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الالْبَـابِ ﴾ [الرعد : ١٩] أي الذين عملوا على قضايا عقولهم فنظروا واستبصروا ﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ﴾ [الرعد : ٢٠] متبدأ والخبر أولئك لهم عقبى الدار كقوله ﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الارْضِ أؤلئك لَهُمُ اللَّعْنَةُ ﴾، وقيل هو صفة لأولي الألباب والأول أوجه وعهد الله ما عقدوه على أنفسهم من الشهادة بربوبيته وأشهدهم على أنفسهم من الشهادة بربوبيته ألست بربكم قالوا بلى ﴿ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَـاقَ ﴾ [الرعد : ٢٠] ما أوثقوه على أنفسهم
٣٥٦
وقبلوه من الإيمان بالله وغيره من المواثيق بينهم وبين الله وبين العباد تعميم بعد تخصيص
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٦


الصفحة التالية
Icon