﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ ﴾ [الرعد : ٢١] من الأَرحام والقرابات ويدخل فيه وصل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقرابة المؤمنين الثابتة بسبب الإيمان إنما المؤمنون إخوة بالإحسان إليهم على حسب الطاقة ونصرتهم والذب عنهم والشفقة عليهم وإفشاء السلام عليهم وعيادة مرضاهم ومنه مراعاة حق الأَصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر ﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ [الرعد : ٢١] أي وعيده كله ﴿ وَيَخَافُونَ سُواءَ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد : ٢١] خصوصاً فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا ﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ﴾ [الرعد : ٢٢] مطلق فيهما يصير عليه من المصائب في النفوس والأَموال ومشاق التكاليف ﴿ ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ ﴾ [الرعد : ٢٢] لا ليقال ما أصبره وأحمله للنوازل وأوقره عند الزلازل ولا لئلا يعاب في الجزع ﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ ﴾ [الأعراف : ١٧٠] داوموا على إقامتها ﴿ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ ﴾ [الرعد : ٢٢] أي من الحلال وإن كان الحرام رزقاً عندنا ﴿ سِرًّا وَعَلانِيَةً ﴾ [البقرة : ٢٧٤] يتناول النوافل لأَنها في السر أفضل والفرائض لأَن المجاهرة بها أفضل نفياً للتهمة ﴿ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ﴾ [الرعد : ٢٢] ويدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيء غيرهم أو إذا حرموا أعطوا وإذا ظلموا عفوا وإذا قطعوا وصلوا وإذا أذنبوا تابوا وإذا هربوا أنابوا وإذا رأوا منكراً أمروا بتغييره فهذه ثمانية أعمال تشير إلى ثمانية أبواب الجنة ﴿ أؤلئك لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد : ٢٢] عاقبة الدنيا وهي الجنة لأَنها التي أرادها الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها ﴿ جَنَّـاتُ عَدْنٍ ﴾ [مريم : ٦١] بدل من عقبى الدار ﴿ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ ﴾ [الرعد : ٢٣] أي آمن ﴿ مِنْ ءَابَآ ـاِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّـاتِهِمْ ﴾ [غافر : ٨] وقرىء صلُح والفتح أفصح ومن في محل الرفع بالعطف على الضمير في يدخلونها وساغ ذلك وإن لم يؤكد لأَن ضمير المفعول صار فاصلاً وأجاز الزجاج أن يكون مفعولاً معه ووصفهم بالصلاح ليعلم أن الأَنساب لا تنفع بنفسها والمراد أبو كل واحد منهم فكأنه قيل من آبائهم وأمهاتهم
٣٥٧
﴿ وَالْمَلَـائكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ﴾ [الرعد : ٢٣] في قدر كل يوم وليلة ثلاث مرات بالهدايا وبشاراة الرضا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٧
﴿ سَلَـامٌ عَلَيْكُم ﴾ [النحل : ٣٢] في موضع الحال إذ المعنى قائلين سلام عليكم أو مسلمين ﴿ بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾ [الرعد : ٢٤] متعلق بمحذوف تقديره هذا بما صبرتم أي هذا الثواب بسبب صبركم على الشهوات أو على أمر الله أو بسلام أي نسلم عليكم ونكرمكم بصبركم والأَول أوجه ﴿ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد : ٢٤] الجنات ﴿ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـاقِهِ ﴾ [الرعد : ٢٥] من بعد ما أوثقوه به من الاعتراف والقبول ﴿ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الارْضِ ﴾ [البقرة : ٢٧] بالكفر والظلم ﴿ أؤلئك لَهُمُ اللَّعْنَةُ ﴾ [الرعد : ٢٥] الإبعاد من الرحمة ﴿ وَلَهُمْ سُواءُ الدَّارِ ﴾ [الرعد : ٢٥] يحتمل أن يراد سوء عاقبة الدنيا لأنه في مقابلة عقبى الدار وأن يراد بالدار جهنم وبسوئها عذابها ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقَدِرُ ﴾ [الرعد : ٢٦] أي ويضيق لمن يشاء والمعنى الله وحده وهو يبسط الرزق ويقدر دون غيره ﴿ وَفَرِحُوا بِالْحَيَواةِ الدُّنْيَا ﴾ [الرعد : ٢٦] بما بسط لهم من الدنيا فرح بطر وأشر لا فرح سرور بفضل الله وإنعامه عليهم ولم يقابلوه بالشكر حتى يؤجروا بنعيم الآخرة ﴿ وَمَا الْحَيَواةُ الدُّنْيَا فِى الاخِرَةِ إِلا مَتَـاعٌ ﴾ [الرعد : ٢٦] وخفي عليهم أن نعيم الدنيا في جنب نعيم الآخرة ليس إلا شيئاً نزرا يتمتع به كعجلة الراكب وهو ما يتعجله من تميرات أو شربة سويق ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾ [الرعد : ٧] أي الآية المقترحة ﴿ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ ﴾ [الرعد : ٢٧] باقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات ﴿ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ﴾ [الرعد : ٢٧] ويرشد إلى دينه من رجع إليه بقلبه
٣٥٨


الصفحة التالية
Icon