جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٨
﴿ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [محمد : ٣] هم الذين أو محله النصب بدل مِن مَن ﴿ وَتَطْمَـاـاِنُّ قُلُوبُهُم ﴾ [الرعد : ٢٨] تسكن ﴿ بِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد : ٢٨] على الدوام أو بالقرآن أو بوعده ﴿ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَـاـاِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد : ٢٨] بسبب ذكر تطمئن قلوب المؤمنين ﴿ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ ﴾ [البقرة : ٢٥] مبتدأ
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٩
﴿ طُوبَى لَهُمْ ﴾ [الرعد : ٢٩] خبره وهو مصدر من طاب كبشرى ومعنى طوبى لك أصبت خيراً وطيباً ومحلها النصب أو الرفع كقولك طيباً لك وطيب لك وسلاماً لك وسلام لك واللام في لهم للبيان مثلها في سقيا لك والواو في طوبى منقلبة عن ياء لضمة ما قبلها كموقن والقراءة في ﴿ وَحُسْنُ مَـاَابٍ ﴾ [الرعد : ٢٩] مرجع.
بالرفع والنصب تدل على محليها ﴿ كَذَالِكَ أَرْسَلْنَـاكَ ﴾ [الرعد : ٣٠] مثل ذلك الإرسال أرسلناك إرسالاً له شأن وفضل على سائر الإرسالات ثم فسر كيف أرسله فقال ﴿ فِى أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ ﴾ [الرعد : ٣٠] أي أرسلناك في أمة قد تقدمتها أمم كثيرة فهي آخر الأمم وأنت خاتم الأنبياء ﴿ لِّتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ﴾ لتقرأ عليهم الكتاب العظيم الذي أوحينا إليك ﴿ وَهُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ [الرعد : ٣٠] وحال هؤلاء أنهم يكفرون ﴿ بِالرَّحْمَـانِ ﴾ بالبليغ الرحمة الذي وسعت رحمته كل شيء ﴿ قُلْ هُوَ رَبِّى ﴾ [الرعد : ٣٠] ورب كل شيء ﴿ لا إِلَـاهَ إِلا هُوَ ﴾ [البقرة : ٢٥٥] أي هو ربي الواحد المتعالي عن الشركاء ﴿ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ [هود : ٨٨] في نصرتي عليكم ﴿ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾ [الرعد : ٣٠] مرجعي فيثيبني على مصابرتكم.
متابي وعقابي ومآبي في الحالين يعقوب ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ ﴾ [الرعد : ٣١] عن مقارِّها ﴿ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الارْضُ ﴾ [الرعد : ٣١]
٣٥٩
حتى تتصدع وتتزايل قطعاً ﴿ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ﴾ [الرعد : ٣١] فتسمع وتجيب لكان هذا القرآن لكونه غاية في التذكير ونهاية في الإنذار والتخويف فجواب لو محذوف أو معناه ولو أن قرآناً وقع به تسيير الجبال وتقطيع الأَرض وتكليم الموتى وتنبيهم لما آمنوا به ولما تنبهوا عليه كقوله :﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلَـائكَةَ ﴾ [الأنعام : ١١١].
الآية ﴿ بَل لِّلَّهِ الامْرُ جَمِيعًا ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٩
الرعد : ٣١] بل لله القدرة على كل شيء وهو قادر على الآيات التي اقترحوها ﴿ أَفَلَمْ يَا يْـاَسِ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ أفلم يعلم وهي لغة قوم من النخع وقيل إنما استعمل اليأس بمعنى العلم لتضمنه معناه لأَن اليائس عن الشيء عالم بأنه لا يكون كما استعمل النسيان في معنى الترك لتضمن ذلك، دليله قراءة علي رضي الله عنه أفلم يتبين وقيل إنما كتبه الكاتب وهو ناعس مستوي السنات وهذه والله فرية ما فيها مرية ﴿ أَن لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا ﴾ [الرعد : ٣١] من كفرهم وسوء أعمالهم ﴿ قَارِعَةٌ ﴾ داهية تقرعهم بما يحل الله بهم في كل وقت من صنوف البلايا والمصائب في نفوسهم وأولادهم وأموالهم ﴿ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ ﴾ [الرعد : ٣١] أو تحل القارعة قريباً منهم فيفزعون ويتطاير عليهم شررها ويتعدى إليهم شرورها ﴿ حَتَّى يَأْتِىَ وَعْدُ اللَّهِ ﴾ [الرعد : ٣١] أي موتهم أو القيامة أو ولا يزال كفار مكة تصيبهم بما صنعوا برسول الله من العداوة والتكذيب قارعة لأن جيش رسول الله يغير حول مكة ويختطف منهم أو تحل أنت يا محمد قريباً من دارهم بجيشك يوم الحديبية حتى يأتي وعد الله أي فتح مكة ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران : ٩] أي لا خلف في موعده
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٥٩
﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الرعد : ٣٢] الإملاء الإمهال وأن يترك ملاوة من الزمان في خفض وأمن ﴿ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾ [الرعد : ٣٢] وهذا وعيد لهم وجواب عن اقتراحهم الآيات على رسول الله استهزاءً به وتسلية له
٣٦٠


الصفحة التالية
Icon