﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَـاكُم مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُواءَ الْعَذَابِ ﴾ [إبراهيم : ٦] إذ ظرف للنعمة بمعنى الإنعام أي إنعامه عليكم ذلك الوقت أو بدل اشتمال من نعمة الله أي اذكروا وقت إنجائكم ﴿ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ ﴾ [إبراهيم : ٦] ذكر في البقرة يذبحون وفي الأعراف يقتلون بلا واو وهنا مع الواو والحاصل أن التذبيح حيث طرح الواو جعل تفسيراً للعذاب وبياناً له وحيث أثبت الواو جعل التذبيح من حيث إنه زاد على جنس العذاب كأنه جنس آخر ﴿ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِى ذَالِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة : ٤٩] الإشارة إلى العذاب والبلاء المحنة أو إلى الإنجاء والبلاء النعمة.
﴿ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء : ٣٥] ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ﴾ [إبراهيم : ٧] أي آذن ونظير تأذن وآذن توعد وأوعد ولا بد في تفعل من زيادة معنى ليس في أفعل كأنه قيل وإذ آذن ربكم إيذاناً بليغاً تنتفي عنده الشكوك والشبه وهو من جملة ما قال موسى لقومه وانتصابه للعطف على نعمة الله عليكم كأنه قيل وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم واذكروا حين تأذن ربكم والمعنى وإذ تأذن ربكم فقال :﴿ لَـاـاِن شَكَرْتُمْ ﴾ [إبراهيم : ٧] يا بني إسرائيل ما خولتكم من نعمة الإنجاء وغيرها ﴿ لازِيدَنَّكُمْ ﴾ نعمة إلى نعمة فالشكر قيد الموجود وصيد المفقود وقيل إذا سمعت النعمة نغمة الشكر تأهبت للمزيد وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لئن شكرتم بالجد في الطاعة لأزيدنكم بالجد في المثوبة ﴿ وَلَـاـاِن كَفَرْتُمْ ﴾ [إبراهيم : ٧] ما أنعمت به عليكم ﴿ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم : ٧] لمن كفر نعمتي أما في الدنيا فسلب النعم وأما في العقبى فتوالى النقم
٣٦٧
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦٧
﴿ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ ﴾ [إبراهيم : ٨] يا بني إسرائيل ﴿ وَمَن فِى الارْضِ جَمِيعًا ﴾ [المعارج : ١٤] والناس كلهم ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ ﴾ [إبراهيم : ٨] عن شكركم ﴿ حَمِيدٌ ﴾ وإن لم يحمده الحامدون وأنتم ضررتم أنفسكم حيث حرمتموها الخير الذي لا بد لكم منه ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ﴾ [إبراهيم : ٩] من كلام موسى لقومه أو ابتداء خطاب لأهل عصر محمد عليه السلام ﴿ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ ﴾ [إبراهيم : ٩] جملة من مبتدأ وخبر وقعت اعتراضاً أو عطف الذين من بعدهم على قوم نوح ولا يعلمهم إلا الله اعتراض والمعنى أنهم من الكثرة بحيث لا يعلم عددهم إلا الله وعن ابن عباس رضي الله عنهما بين عدنان وإسمعيل ثلاثون أباً لا يعرفون.
وروى أنه عليه السلام قال عند نزول الآية كذب النسابون ﴿ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَـاتِ ﴾ [غافر : ٨٣] بالمعجزات ﴿ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ ﴾ [إبراهيم : ٩] الضميران يعودان إلى الكفرة أي أخذوا أناملهم بأسنانهم تعجباً أو عضوا عليها تغيظاً أو الثاني يعود إلى الأنبياء أي رد القوم أيديهم في أفواه الرسل كيلا يتكلموا بما أرسلوا به
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦٧