﴿ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِى شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ ﴾ [إبراهيم : ٩] من الإيمان بالله والتوحيد ﴿ مُرِيبٍ ﴾ موقع في الريبة ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى اللَّهِ شَكٌّ ﴾ [إبراهيم : ١٠] أدخلت همزة الإنكار على الظرف لأن الكلام ليس في الشك إنما هو في المشكوك فيه وأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة وهو جواب قولهم وإنا لفي شك ﴿ فَاطِرِ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ يَدْعُوكُمْ ﴾ إِلَى الإيمان ﴿ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ [إبراهيم : ١٠] إِذا آمنتم ولم تجيء مع من إلا في خطاب الكافرين كقوله :﴿ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ ﴿ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَـاقَوْمَنَآ أَجِيبُوا دَاعِىَ اللَّهِ وَءَامِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ﴾ وقال في خطاب المؤمنين :﴿ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَـارَةٍ ﴾ [الصف : ١٠] إلى أن قال :﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [الصف : ١٢] وغير ذلك مما يعرف بالاستقراء وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين ولئلا يسوى بين الفريقين في الميعاد ﴿ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ [نوح : ٤] إلى وقت قد سماه وبين مقداره ﴿ قَالُوا ﴾ أي القوم ﴿ إِنْ أَنتُمْ ﴾ [إبراهيم : ١٠] ما أنتم ﴿ إِلا بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ [إبراهيم : ١٠] لا فضل بيننا وبينكم ولا فضل لكم علينا فلم تخصون بالنبوة دوننا ﴿ تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا ﴾ [إبراهيم : ١٠] يعني الأصنام ﴿ فَأْتُونَا بِسُلْطَـانٍ مُّبِينٍ ﴾ [إبراهيم : ١٠] بحجة بينة وقد جاءتهم رسلهم بالبينات وإنما أرادوا بالسلطان المبين آية قد اقترحوها تعنتاً ولجاجا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦٧
﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾ [إبراهيم : ١١] تسليم قولهم إنهم بشر مثلهم ﴿ وَلَـاكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [إبراهيم : ١١] بالإيمان والنبوة كما منّ علينا ﴿ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَـانٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [إبراهيم : ١١] جواب لقولهم : فأتونا بسلطان مبين والمعنى أن الإتيان بالآية التي قد اقترحتموها ليس إلينا ولا في استطاعتنا وإنما هو أمر يتعلق بمشيئة الله تعالى ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران : ١٢٢] أمر منهم للمؤمنين كافة بالتوكل وقصدوا به أنفسهم قصداً أولياً كأنهم قالوا ومن حقنا أن نتوكل على الله في الصبر على معاندتكم ومعاداتكم وإيذائكم ألا ترى إلى قوله :﴿ وَمَا لَنَآ أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ ﴾ [إبراهيم : ١٢] معناه وأي عذر لنا في أن لا نتوكل عليه ﴿ وَقَدْ هَدَاـانَا سُبُلَنَا ﴾ [إبراهيم : ١٢] وقد فعل بنا ما يوجب توكلنا عليه وهو التوفيق لهداية كل منا سبيله الذي يجب عليه سلوكه في الدين قال أبو تراب : التوكل طرح البدن في العبودية وتعلق القلب بالربوبية والشكر عند العطاء والصبر عند البلاء ﴿ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَآ ءَاذَيْتُمُونَا ﴾ [إبراهيم : ١٢] جواب قسم مضمر أي حلفوا على الصبر على أذاهم وأن لا يمسكوا عن دعائهم ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [إبراهيم : ١٢] أي فليثبت المتوكلون على
٣٦٩
توكلهم حتى لا يكون تكرارا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٦٩