﴿ تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِين ﴾ [إبراهيم : ٢٥] تعطي ثمرها كل وقت وقتها الله لإثمارها ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾ [إبراهيم : ٢٥] بتيسير خالقها وتكوينه ﴿ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الامْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [إبراهيم : ٢٥] لأن في ضرب الأمثال زيادة إفهام وتذكير وتصوير للمعاني ﴿ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ ﴾ [إبراهيم : ٢٦] هي كلمة الكفر ﴿ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ﴾ [إبراهيم : ٢٦] هي كل شجرة لا يطيب ثمرها وفي الحديث : أنها شجرة الحنظل ﴿ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الارْضِ ﴾ [إبراهيم : ٢٦] استؤصلت جثتها وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثة كلها وهو في مقابلة أصلها ثابت ﴿ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم : ٢٦] أي استقرار يقال قر الشيء قراراً كقولك ثبت ثبوتاً شبه بها القول الذي لا يعضد بحجة فهو داحض غير ثابت ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [إبراهيم : ٢٧] أي يديمهم عليه ﴿ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ﴾ [إبراهيم : ٢٧] هو قول لا إله إلا الله محمد رسول الله ﴿ وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم ﴾ [العنكبوت : ٢٥] حتى إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود وغير ذلك ﴿ وَفِي الاخِرَةِ ﴾ [الأعراف : ١٥٦] الجمهور على
٣٧٥
أن المراد به في القبر بتلقين الجواب وتمكين الصواب فعن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذكر قبض روح المؤمن فقال :" ثم تعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلّم فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ثم يقول الملكان عشت سعيداً ومت حميداً نم نومة العروس " ﴿ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّـالِمِينَ ﴾ [إبراهيم : ٢٧] فلا يثبتهم على القول الثابت في مواقف الفتن وتزل أقدامهم أول شيء وهم في الآخرة أضل وأزل ﴿ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ ﴾ [إبراهيم : ٢٧] فلا اعتراض عليه في تثبيت المؤمنين وإضلال الظالمين
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٧٥
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ ﴾ [إبراهيم : ٢٨] أي شكر نعمة الله ﴿ كُفْرًا ﴾ لأن شكرها الذي
وجب عليهم وضعوا مكانه كفراً فكأنهم غيروا الشكر إلى الكفر وبدلوه تبديلاً وهم أهل مكة أكرمهم بمحمد عليه السلام فكفروا نعمة الله وجعل ما لزمهم من الشكر ﴿ وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ ﴾ [إبراهيم : ٢٨] الذين تابعوهم على الكفر ﴿ دَارَ الْبَوَارِ ﴾ [إبراهيم : ٢٨] دار الهلاك ﴿ جَهَنَّمَ ﴾ عطف بيان ﴿ يَصْلَوْنَهَا ﴾ يدخلونها ﴿ وَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴾ [إبراهيم : ٢٩] وبئس المقر جهنم ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا ﴾ [إبراهيم : ٣٠] أمثالا في العبادة أو في التسمية ﴿ لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ ﴾ [إبراهيم : ٣٠] وبفتح الياء مكي وأبو عمرو ﴿ قُلْ تَمَتَّعُوا ﴾ [إبراهيم : ٣٠] في الدنيا والمراد به الخذلان والتخلية وقال ذو النون : التمتع أن يقضي العبد ما استطاع من شهوته ﴿ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ﴾ [إبراهيم : ٣٠] مرجعكم إليها ﴿ قُل لِّعِبَادِىَ الَّذِينَ ءَامَنُوا ﴾ [إبراهيم : ٣١] خصهم بالإضافة إليه تشريفاً
٣٧٦
﴿ يُقِيمُوا الصَّلَـاوةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ ﴾ [إبراهيم : ٣١] المقول محذوف لأن قل تقتضي مقولاً وهو أقيموا وتقديره قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا يقيموا الصلاة وينفقوا وقيل إنه أمر وهو المقول والتقدير ليقيموا ولينفقوا فحذف اللام لدلالة قل عليه ولو قيل يقيموا الصلاة وينفقوا ابتداء بحذف اللام لم يجز ﴿ سِرًّا وَعَلانِيَةً ﴾ [البقرة : ٢٧٤] انتصبا على الحال أي ذوي سر وعلانية يعني مسرين ومعلنين أو على الظرف أي وقتي سر وعلانية أو على المصدر أي إنفاق سر وإنفاق علانية والمعنى إخفاء التطوع وإعلان الواجب ﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلَـالٌ ﴾ [إبراهيم : ٣١] أي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة والخلال المخالة وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله.
بفتحهما مكي وبصري والباقون بالرفع والتنوين
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٧٦