﴿ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ ﴾ [إبراهيم : ٤٩] الكافرين ﴿ يَوْمَـاـاِذٍ ﴾ يوم القيامة ﴿ مُقْرِنِينَ ﴾ قرن بعضهم مع بعض أو مع الشياطين أو قرنت أيديهم إلى أرجلهم مغللين ﴿ فِى الاصْفَادِ ﴾ [إبراهيم : ٤٩] متعلق بمقرنين أي يقرنون في الأصفاد أو غير متعلق به والمعنى مقرنين مصفدين، والأصفاد القيود أو الأغلال ﴿ سَرَابِيلُهُم ﴾ قمصهم ﴿ مِّن قَطِرَانٍ ﴾ [إبراهيم : ٥٠] هو ما يتحلب من شجر يسمى الأبهل فيطبخ فيهنأ به الإبل الجربى فيحرق الجرب بحدته وحره ومن شأنه أن يسرع فيه اشتعال النار وهو أسود اللون منتن الريح فيطلى به جلود أهل النار حتى يعود طلاؤه لهم كالسرابيل ليجتمع عليهم لذع القطران وحرقته وإسراع النار في جلودهم واللون الوحش ونتن الريح على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين وكل ما وعده الله أو أوعد به في الآخرة فبينه وبين ما نشاهد من جنسه ما لا يقادر قدره وكأنه ما عندنا منه إلا الأسامي والمسميات ثمة نعوذ بالله من سخطه
٣٨٣
وعذابه من " قِطرٍ آن " زيد عن يعقوب نحاس مذاب بلغ حره إناه ﴿ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴾ [إبراهيم : ٥٠] تعلوها باشتعالها وخص الوجه لأنه أعز موضع في ظاهر البدن كالقلب في باطنه ولذا قال تطلع على الأفئدة
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨٣
﴿ لِيَجْزِىَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ﴾ [إبراهيم : ٥١] أي يفعل بالمجرمين ما يفعل ليجزي كل نفس مجرمة ما كسبت أو كل نفس من مجرمة أو مطيعة لأنه إذا عاقب المجرمين لإجرامهم علم أنه يثيب المؤمنين بطاعتهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آل عمران : ١٩٩] يحاسب جميع العباد في أسرع من لمح البصر ﴿ هَـاذَآ ﴾ أي ما وصفه في قوله : ولا تحسبن إلى قوله : سريع الحساب ﴿ بَلَـاغٌ لِّلنَّاسِ ﴾ [إبراهيم : ٥٢] كفاية في التذكير والموعظة ﴿ وَلِيُنذَرُوا بِهِ ﴾ [إبراهيم : ٥٢] بهذا البلاغ وهو معطوف على محذوف أي لينصحوا ولينذروا ﴿ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَـاهٌ وَاحِدٌ ﴾ [إبراهيم : ٥٢] لأنهم إذا خافوا ما أنذروا به دعتهم المخافة إلى النظر حتى يتوصلوا إلى التوحيد لأن الخشية أم الخير كله ﴿ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الالْبَـابِ ﴾ [إبراهيم : ٥٢] ذوو العقول.
٣٨٤
سورة الحجر
تسع وتسعون آية مكية
﴿ الرَ تِلْكَ ءَايَـاتُ الْكِتَـابِ وَقُرْءَانٍ مُّبِينٍ ﴾ [يونس : ١] تلك إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والكتاب والقرآن المبين السورة وتنكير القرآن للتفخيم والمعنى تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتاباً وأي قرآن مبين كأنه قيل الكتاب الجامع للكمال وللغرابة في البيان ﴿ رُّبَمَا ﴾ بالتخفيف مدني وعاصم وبالتشديد غيرهما وما هي الكافة لأنها حرف يجر ما بعده ويختص الاسم النكرة فإذا كفت وقع بعدها الفعل الماضي والاسم وإنما جاز ﴿ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الحجر : ٢] لأن المترقب في أخبار الله تعالى بمنزلة الماضي المقطوع به في تحققه فكأنه قيل ربما ود ووداتهم تكون عند النزع أو يوم القيامة إذا عاينوا حالهم وحال المسلمين، وإذا رأوا المسلمين يخرجون من النار فيتمنى الكافر لو كان مسلماً كذا روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ﴾ [الحجر : ٢] حكاية ودادتهم وإنما جيء بها على لفظ الغيبة لأنهم مخبر عنهم كقولك : حلف بالله ليفعلن ولو قيل : حلف يالله لأفعلن ولو كنا مسلمين لكان حسناً وإنما قلل برب لأن أهوال القيامة تشغلهم عن التمني فإذا أفاقوا من سكرات العذاب ودوا لو كانوا مسلمين وقول من قال : إن رب يعني بها الكثرة سهو لأنه ضد ما يعرفه
٣٨٥
أهل اللغة لأنها وضعت للتقليل
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨٥


الصفحة التالية
Icon