﴿ كَذَالِكَ نَسْلُكُهُ فِى قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ أي كما سلكنا الكفر أو الاستهزاء في شيع الأولين نسلكه أي الكفر أو الاستهزاء في قلوب المجرمين من أمتك من اختار ذلك يقال : سلكت الخيط في الإبرة وأسلكته إذا أدخلته فيها وهو حجة على المعتزلة في الأصلح وخلق الأفعال ﴿ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [الشعراء : ٢٠١] بالله أو بالذكر وهو حال ﴿ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الاوَّلِينَ ﴾ [الحجر : ١٣] مضت طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حين كذبوا رسله وهو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم ﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَآءِ ﴾ [الحجر : ١٤] ولو أظهرنا لهم أوضح آية وهو فتح باب من السماء ﴿ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴾ [الحجر : ١٤] يصعدون ﴿ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَـارُنَا ﴾ [الحجر : ١٥] حيرت أو حبست من الإبصار أو من السكر، سكِرت مكي أي حبست كما يحبس النهر من الجري والمعنى أن هؤلاء المشركين بلغ من غلوهم في العناد أن لو فتح لهم باب من أبواب السماء ويسر لهم معراج يصعدون فيه إليها ورأوا من العيان ما رأوا لقالوا هو شيء نتخايله لا حقيقة له ولقالوا ﴿ بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ ﴾ [الحجر : ١٥] قد سحرنا محمد بذلك أو الضمير للملائكة أي لو أريناهم الملائكة يصعدون في السماء عياناً لقالوا ذلك وذكر الظلول ليجعل عروجهم بالنهار ليكونوا مستوضحين لما يرون وقال : إنما ليدل على أنهم يبتون القول بأن ذلك ليس إلا تسكيراً للأبصار ﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى السَّمَآءِ ﴾ [الحجر : ١٦] خلقنا فيها ﴿ بُرُوجًا ﴾ نجوماً أو قصوراً فيها الحرس أو منازل للنجوم ﴿ وَزَيَّنَّـاهَا ﴾ أي السماء ﴿ لِلنَّـاظِرِينَ * وَحَفِظْنَـاهَا ﴾ أي السماء ﴿ مِن كُلِّ شَيْطَـانٍ رَّجِيمٍ ﴾ [الحجر : ١٧] ملعون أو مرمي بالنجوم ﴿ إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ﴾ [الحجر : ١٨] أي المسموع ومن في محل النص على الاستثناء ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ﴾ [الصافات : ١٠] نجم ينقض فيعود ﴿ مُّبِينٍ ﴾ ظاهر للمبصرين قيل كانوا لا
٣٨٨
يحجبون عن السماوات كلها فلما ولد عيسى عليه السلام منعوا من ثلاث سماوات فلما ولد محمد صلى الله عليه وسلّم منعوا من السماوات كلها
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨٨


الصفحة التالية
Icon