﴿ وَالارْضَ مَدَدْنَاهَا ﴾ [ق : ٧] بسطناها من تحت الكعبة، والجمهور على أنه تعالى مدها على وجه الماء ﴿ وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ﴾ [الحجر : ١٩] في الأرض جبالاً ثوابت ﴿ وَأَنابَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَىْءٍ مَّوْزُونٍ ﴾ [الحجر : ١٩] وزن بميزان الحكمة وقدر بمقدار تقتضيه لا تصلح فيه زيادة ولا نقصان أوله وزن وقدر في أبواب المنفعة والنعمة أو ما يوزن كالزعفران والذهب والفضة والنحاس والحديد وغيرها وخص ما يوزن لانتهاء الكيل إلى الوزن ﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا ﴾ [الأعراف : ١٠] في الأرض ﴿ مَعَايِشَ ﴾ ما يعاش به من المطاعم جمع معيشة وهي بياء صريحة بخلاف الخبائث ونحوها فإن تصريح الياء فيها خطأ ﴿ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ﴾ [الحجر : ٢٠] من في محل النصب بالعطف على معايش أو على محل لكم كأنه قيل وجعلنا لكم فيها معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقين أو جعلنا لكم فيها معايش ولمن لستم له برازقين وأراد بهم العيال والمماليك والخدم الذين يظنون أنهم يرزقونهم ويخطئون فإن الله هو الرزاق يرزقهم وإياهم ويدخل فيه الأنعام والدواب ونحو ذلك ولا يجوز أن يكون محل من جرا بالعطف على الضمير المجرور في لكم لأنه لا يعطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار ﴿ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلا عِندَنَا خَزَآ ـاِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُا إِلا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ [الحجر : ٢١] ذكر الخزائن تمثيل والمعنى وما من شيء ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والإنعام به وما نعطيه إلا بمقدار معلوم فضرب الخزائن مثلاً لاقتدار على كل مقدور ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ﴾ [الحجر : ٢٢] جمع لاقحة أي وأرسلنا الرياح حوامل بالسحاب لأنها تحمل السحاب في جوفها كأنها لاقحة بها من لقحت الناقة حملت وضدها العقيم.
الريح حمزة ﴿ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ﴾ [الحجر : ٢٢] فجعلناه لكم سقياً ﴿ وَمَآ أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾ [الحجر : ٢٢] نفى عنهم ما أبته لنفسه في قوله : وإن من شيء إلا عندنا خزائنه كأنه قال : نحن الخازنون للماء على معنى نحن القادرون على خلقه في
٣٨٩
السماء وإنزاله منها وما أنتم عليه بقادرين دلالة عظيمة على قدرته وعجزهم
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٨٩
﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ ﴾ [الحجر : ٢٣] أي نحيي بالإيجاد ونميت بالإفناء أو نميت عند انقضاء الآجال ونحيي لجزاء الأعمال على التقديم والتأخير إذ الواو للجمع المطلق ﴿ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ﴾ [الحجر : ٢٣] الباقون بعد هلاك الخلق كلهم وقيل للباقي وارث استعارة من وارث الميت لأنه يبقى بعد فنائه ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَاْخِرِينَ ﴾ [الحجر : ٢٤] من تقدم ولادة وموتاً ومن تأخر أو من خرج من أصلاب الرجال ومن لم يخرج بعد أو من تقدم في الإسلام أو في الطاعة أو في صف الجماعة أو في صف الحرب ومن تأخر ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ﴾ [الحجر : ٢٥] أي هو وحده يقدر على حشرهم ويحيط بحصرهم ﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنعام : ١٣٩] باهر الحكمة واسع العلم ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الانسَانَ ﴾ [المؤمنون : ١٢] أي آدم ﴿ مِن صَلْصَالٍ ﴾ [الرحمن : ١٤] طين يابس غير مطبوخ ﴿ مِّنْ حَمَإٍ ﴾ [الحجر : ٢٦] صفة لصلصال أي خلقه من صلصال كائن من حمإ أي طين أسود متغير ﴿ مَّسْنُونٍ ﴾ مصور


الصفحة التالية
Icon