﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى ﴾ [الحجر : ٣٦] فأخرني ﴿ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ يوم الدين ويوم يبعثون ويوم الوقت المعلوم في معنى واحد ولكن خولف بين العبارات سلوكاً بالكلام طريقة البلاغة وقيل إنما سأل الإنظار إلى اليوم الذي فيه يبعثون لئلا يموت لأنه لا يموت يوم البعث أحد فلم يجب إلى ذلك وانظر إلى آخر أيام التكليف ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى ﴾ [الحجر : ٣٩] الباء للقسم وما مصدرية وجواب القسم لأزينن لهم ومعنى أقسم بإغوائك إياي ﴿ لازَيِّنَنَّ لَهُمْ ﴾ [الحجر : ٣٩] المعاصي ونحو قوله بما أغويتني لأزينن لهم.
﴿ فَبِعِزَّتِكَ لاغْوِيَنَّهُمْ ﴾ [ص : ٨٢] في أنه إقسام إلا أن أحدهما إقسام بصفه الذات والثاني بصفة الفعل وقد فرق الفقهاء بينهما فقال العراقيون الحلف بصفة الذات كالقدرة والعظمة والعزة يمين والحلف بصفة الفعل كالرحمة والسخط ليس بيمين والأصح أن الأيمان مبنية على العرف فما تعارف الناس الحلف به يكون يميناً ومالاً فلا والآية حجة على المعتزلة في خلق الأفعال.
وحملهم على التسبيب عدول عن الظاهر ﴿ فِى الارْضِ ﴾ [السجدة : ١٠] في الدنيا التي هي دار الغرور وأراد إني أقدر على الاحتيال لآدم والتزيين له الأكل من الشجرة وهو في السماء فأنا على التزيين لأولاده في الأرض أقدر ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى لازَيِّنَنَّ لَهُمْ فِى الارْضِ وَلاغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ وبكسر اللام بصري ومكي وشامي استثنى المخلص لأنه علم أن كيده لا يعمل فيهم ولا يقبلونه منه ﴿ قَالَ هَـاذَا صِرَاطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [الحجر : ٤١] ﴿ إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الحجر : ٤٢] أي هذا طريق حق عليّ أن أراعيه وهو أن لا يكون لك سلطان على عبادي إلا من اختار اتباعك منهم لغوايته وقيل معنى على إلي.
عليٌّ يعقوب من علو الشرف والفضل
٣٩٢
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩٢
﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الحجر : ٤٣] الضمير للغاوين ﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ ﴾ [الحجر : ٤٤] من أتباع إبليس ﴿ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴾ [الحجر : ٤٤] نصيب معلوم مفرزقيل أبواب النار أطباقها وأدراكها فأعلاها للموحدين يعذبون بقدر ذنوبهم ثم يخرجون والثاني لليهود والثالث للنصارى والرابع للصابئين والخامس للمجوس والسادس للمشركين والسابع للمنافقين ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ [الحجر : ٤٥] وبضم العين مدني وبصري وحفص.
المتقي على الإطلاق من يتقي ما يجب اتقاؤه مما نهى عنه وقال في الشرح إن دخل أهل الكبائر في قوله لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم فالمراد بالمتقين الذين اتقوا الكبائر وإلا فالمراد به الذين اتقوا الشرك ﴿ ادْخُلُوهَا ﴾ أي يقال لهم ادخلوها ﴿ بِسَلَـامٍ ﴾ حال أي سالمين أو مسلماً عليكم تسلم عليكم الملائكة ﴿ ءَامِنِينَ ﴾ من الخروج منهما والآفات فيها وهو حال أخرى ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾ [الأعراف : ٤٣] وهو الحقد الكامن في القلب أي إن كان لأحدهم غل في الدنيا على آخر نزع الله ذلك في الجنة من قلوبهم وطيب نفوسهم وعن علي رضي الله عنه : أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم وقيل معناه طهر الله قلوبهم من أن يتحاسدوا على الدرجات في الجنة ونزع منها كل غل وألقى فيها التوادد والتحابب ﴿ إِخْوَانًا ﴾ حال ﴿ عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَـابِلِينَ ﴾ [الحجر : ٤٧] كذلك قيل تدور بهم الأسرة حيثما داروا فيكونون في جميع أحوالهم متقابلين يرى بعضهم بعضاً ﴿ لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ﴾ [الحجر : ٤٨] في الجنة تعب ﴿ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ﴾ [الحجر : ٤٨] فتمام النعمة بالخلود، ولما أتم ذكر الوعد والوعيد أتبعه
٣٩٣
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩٣


الصفحة التالية
Icon