﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ ﴾ [المؤمنون : ٤١] صيحة جبريل عليه السلام ﴿ مُشْرِقِينَ ﴾ داخلين في الشروق وهو بزوغ الشمس ﴿ فَجَعَلْنَا عَـالِيَهَا سَافِلَهَا ﴾ [الحجر : ٧٤] رفعها جبريل عليه السلام إلى السماء ثم قلبها والضمير لقرى قوم لوط ﴿ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾ للمتفرسين المتأملين كأنهم يعرفون باطن الشيء بسمة ظاهرة ﴿ وَإِنَّهَا ﴾ وإن هذه القرى يعني آثارها ﴿ لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ ﴾ [الحجر : ٧٦] ثابت يسلكه الناس لم يندرس بعد.
وهم يبصرون تلك الآثار وهو تنبيه لقريش كقوله ﴿ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ * وَبِالَّيْلِ ﴾ ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر : ٧٧] لأنهم المنتفعون بذلك ﴿ وَإِن كَانَ أَصْحَـابُ الايْكَةِ ﴾ [الحجر : ٧٨] وإن الأمر والشأن كان أصحاب الأيكة أي الغيضة ﴿ لَظَـالِمِينَ ﴾ لكافرين وهم قوم شعيب عليه السلام ﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ [الأعراف : ١٣٦] فأهلكناهم لما كذبوا شعيباً ﴿ وَإِنَّهُمَا ﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩٨
يعني قرى قوم لوط والأيكة ﴿ لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ [الحجر : ٧٩] لبطريق واضح والإمام اسم ما يؤتم به فسمى به الطريق ومِطمر البناء لأنهما مما يؤتم به ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَـابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الحجر : ٨٠] هم ثمود والحجر واديهم وهو بين المدينة والشام المرسلين يعني بتكذيبهم صالحاً لأن كل رسول كان يدعو إلى الإيمان بالرسل جميعاً فمن كذب واحداً منهم فكأنما كذبهم جميعاً أو أراد صالحاً
٣٩٨
ومن معه من المؤمنين كما قيل الخبيبون في ابن الزبير وأصحابه ﴿ وَءَاتَيْنَـاهُمْ ءَايَـاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾ [الحجر : ٨١] أي أعرضوا عنها ولم يؤمنوا بها ﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ﴾ [الحجر : ٨٢] أي ينقبون في الجبال بيوتاً أو يبنون من الحجارة ﴿ ءَامِنِينَ ﴾ لوثاقة البيوت واستحكامها من أن تنهدم ومن نقب اللصوص والأعداء أو آمنين من عذاب الله يحسبون أن الجبال تحميهم منه ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ ﴾ [المؤمنون : ٤١] العذاب ﴿ مُّصْبِحِينَ ﴾ في اليوم الرابع وقت الصبح ﴿ فَمَآ أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الحجر : ٨٤] من بناء البيوت الوثيقة واقتناء الأموال النفيسة ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلا بِالْحَقِّ ﴾ [الحجر : ٨٥] إلا خلقاً ملتبساً بالحق لا باطلاً وعبثا أو بسبب العدل والإنصاف يوم الجزاء على الأعمال ﴿ وَإِنَّ السَّاعَةَ ﴾ [الحج : ٧] أي القيامة لتوقعها كل ساعة ﴿ لاتِيَةٌ ﴾ وإن الله ينتقم لك فيها من أعدائك ويجازيك وإياهم على حسناتك وسيئاتهم فإنه ما خلق السموات والأَرض وما بينهم إلا لذلك
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩٨
﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر : ٨٥] فاعرض عنهم إعراضاً جميلاً بحلم وإغضاء قيل هو منسوخ بآية السيف وإن أريد به المخالفة فلا يكون منسوخاً ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّـاقُ ﴾ [الحجر : ٨٦] الذي خلقك وخلقهم ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بحالك وحالهم فلا يخفي عليه ما يجري بينكم وهو يحكم بينكم ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَـاكَ سَبْعًا ﴾ [الحجر : ٨٧] أي سبع آيات وهي الفاتحة أو سبع سور وهي الطوال واختلف في السابعة فقيل الأنفال وبراءة لأنهما في حكم سورة بدليل عدم
٣٩٩