﴿ هُوَ الَّذِى أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ ﴾ [النحل : ١٠] لكم متعلق بأنزل أو خبر لشراب وهو ما يشرب ﴿ وَمِنْهُ شَجَرٌ ﴾ [النحل : ١٠] يعني الشجر الذي ترعاه المواشي ﴿ فِيهِ تُسِيمُونَ ﴾ [النحل : ١٠] من سامت الماشية إذا رعت فهي سائمة وأسامها صاحبها وهي من السومة وهي العلامة لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض ﴿ يُنابِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالاعْنَـابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾ [النحل : ١١] ولم يقل كل الثمرات لأن كلها لا تكون إلا في الجنة وإنما أنبت في الأرض بعض من كل للتذكرة ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل : ١١] فيستدلون بها عليه وعلى قدرته وحكمته والآية الدلالة الواضحة ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآ ـاِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾ [إبراهيم : ٣٣] بنصب الكل عليّ وجعل النجوم مسخرات والنجوم مسخرات فقط حفص والشمسُ والقمرُ والنجومُ مسخرات شامي على الابتداء والخبر ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَـاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الرعد : ٤] جمع الآية وذكر العقل لأن الآثار العلوية أطهر دلالة على القدرة الباهرة وأبين شهادة للكبرياء والعظمة ﴿ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِى الارْضِ ﴾ [النحل : ١٣] معطوف على الليل والنهار أي ما خلف فيها من حيوان وشجر وثمر وغير ذلك ﴿ مُخْتَلِفًا ﴾ حال ﴿ أَلْوَانُهُا إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [النحل : ١٣] يتعظون
٤٠٦
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠٦
﴿ وَهُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا ﴾ [النحل : ١٤] هو السمك ووصفه بالطراوة لأن الفساد يسرع إليه فيؤكل سريعاً طرياً خيفة الفساد وإنما لا يحنث بأكله إذا حلف لا يأكل لحماً لأن مبني الإيمان على العرف ومن قال لغلامه اشتر بهذه الدراهم لحماً فجاء بالسمك كان حقيقاً بالإنكار ﴿ وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً ﴾ [النحل : ١٤] هي اللؤلؤ والمرجان ﴿ تَلْبَسُونَهَا ﴾ المراد بلبسهم لبس نسائهم ولكنهن إنما يتزين بها من أجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم ﴿ وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ ﴾ [النحل : ١٤] جواري تجري جرياً وتشق الماء شقاً والمخرشق الماء بحيزومها ﴿ فِيهِ ﴾ في البحر ﴿ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ﴾ هو عطف على محذوف أي لتعتبروا ولتبتغوا وابتغاء الفضل التجارة ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة : ١٨٥] الله على ما أنعم عليكم به ﴿ وَأَلْقَى فِى الارْضِ رَوَاسِىَ ﴾ [النحل : ١٥] جبالاً ثوابت ﴿ أَن تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ [النحل : ١٥] كراهية أن تميل بكم وتضطرب أو لئلا تميد بكم لكن حذف المضاف أكثر قيل خلق الله الأرض فجعلت تميد فقالت الملائكة ما هي بمقر أحد على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت ﴿ وَأَنْهَـارًا ﴾ وجعل فيها أنهاراً لأن ألقى فيه معنى جعل ﴿ وَسُبُلا ﴾ طرقاً ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة : ٥٣] إلى مقاصدكم أو إلى توحيد ربكم ﴿ وَعَلَـامَـاتٍ ﴾ هي معالم الطرق وكل ما يستدل به السابلة من جبل وغير ذلك ﴿ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [النحل : ١٦] المراد بالنجم الجنس أو هو الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدى فإن قلت وبالنجم هم يهتدون مخرج عن سنن الخطاب مقدم فيه النجم مقحم فيه هم كأنه قيل وبالنجم خصوصاً هؤلاء خصوصاً يهتدون فمن المراد بهم قلت كأنه أراد قريشاً فلهم اهتداء بالنجوم في مسايرهم ولهم بذلك علم لم
٤٠٧
يكن مثله لغيرهم فكان الشكر أوجب عليهم والاعتبار ألزم لهم فخصصوا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠٧