رسل الله فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات كحال قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالأساطين فأتاه البنيان من الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا، والجمهور على أن المراد به نمرود بن كنعان حين بني الصرح ببابل طوله خمسة آلاف ذراع وقيل فرسخان فأهب الله الريح فخر عليه وعلى قومه فهلكوا فأتى الله أي أمره بالاستئصال ﴿ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَـاـاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ﴾ [النحل : ٢٦] من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٠٩
﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ يُخْزِيهِمْ ﴾ [النحل : ٢٧] يذلهم بعذاب الخزي سوى ما عذبوا به في الدنيا ﴿ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآءِىَ ﴾ [النحل : ٢٧] على الإضافة إلى نفسه حكاية لإضافتهم ليوبخهم بها على طريق الاستهزاء بهم ﴿ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَـاقُّونَ فِيهِمْ ﴾ [النحل : ٢٧] تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم تشاقون نافع أي تشاقونني فيهم لأن مشاقة المؤمنين كأنها مشاقة الله ﴿ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾ [النحل : ٢٧] أي الأنبياء والعلماء من أممهم الذين كانوا يدعونهم إلى الإيمان ويعظونهم فلا يلتفتون إليهم ويشاقونهم يقولون ذلك شماتة بهم أو هم الملائكة ﴿ إِنَّ الْخِزْىَ الْيَوْمَ ﴾ [النحل : ٢٧] الفضيحة ﴿ وَالسُّواءَ ﴾ العذاب ﴿ عَلَى الْكَـافِرِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّـاـاهُمُ الْمَلَـائكَةُ ﴾ وبالياء حمزة وكذا ما بعده ﴿ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ ﴾ [النحل : ٢٨] بالكفر بالله ﴿ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ﴾ [النحل : ٢٨] أي الصلح والاستسلام أي أخبتوا وجاؤوا بخلاف ما كانوا عليه في الدنيا من الشقاق وقالوا ﴿ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُواء ﴾ [النحل : ٢٨] وجحدوا ما وجد منهم من الكفران والعدوان فرد عليهم أولو العلم وقالوا ﴿ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل : ٢٨] فهو يجازيكم عليه وهذا أيضاً من الشماتة وكذلك ﴿ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَـالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [النحل : ٢٩] جهنم
٤١٠
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٠


الصفحة التالية
Icon