﴿ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ [النحل : ٣٠] الشرك ﴿ مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا ﴾ [النحل : ٣٠] وإنما نصب هذا ورفع أساطير لأن التقدير هنا أنزل خيراً فأطبقوا الجواب على السؤال وثمة التقدير هو أساطير الأولين فعدلوا بالجواب عن السؤال ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِى هَـاذِهِ الدُّنْيَا ﴾ [النحل : ٣٠] أي آمنوا وعملوا الصالحات أو قالوا لا إله إلا الله ﴿ حَسَنَةً ﴾ بالرفع أي ثواب وأمن وغنيمة وهو بدل من خيراً حكاية لقول الذين اتقوا أي قالوا هذا القول فقدم عليه تسميته خيراً ثم حكاه أو هو كلام مستأنف عدة للقائلين وجعل قولهم من جملة إحسانهم ﴿ وَلَدَارُ الاخِرَةِ خَيْرٌ ﴾ [يوسف : ١٠٩] أي لهم في الآخرة ما هو خير منها كقوله ﴿ فَـاَاتَـاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الاخِرَةِ ﴾ [آل عمران : ١٤٨] ﴿ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل : ٣٠] دار الآخرة فحذف المخصوص بالمدح لتقدم ذكره ﴿ جَنَّـاتُ عَدْنٍ ﴾ [مريم : ٦١] خبر لمبتدأ محذوف أو هي المخصوص بالمدح ﴿ يَدْخُلُونَهَا ﴾ حال ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ كَذَالِكَ يَجْزِى اللَّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّـاهُمُ الْمَلَـائكَةُ طَيِّبِينَ ﴾ طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر لأنه في مقابلة ظالمي أنفسهم ﴿ يَقُولُونَ سَلَـامٌ عَلَيْكُمُ ﴾ [النحل : ٣٢] قيل إذا أشرف العبد المؤمن على الموت جاءه ملك، فقال : السلام عليك يا ولي الله، الله يقرأ عليك السلام، ويبشره بالجنة ويقال لهم في الآخرة ﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل : ٣٢] بعملكم ﴿ هَلْ يَنظُرُونَ ﴾ [الأنعام : ١٥٨] ما ينتظر هؤلاء الكفار ﴿ إِلا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَـائكَةُ ﴾ [الأنعام : ١٥٨] لقبض أرواحهم.
وبالياء علي وحمزة ﴿ أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبِّكَ ﴾ [النحل : ٣٣] أي العذاب المستأصل أو القيامة ﴿ كَذَالِكَ ﴾ مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب ﴿ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ ﴾ [النحل : ٣٣] بتدميرهم ﴿ وَلَـاكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [البقرة : ٥٧] حيث فعلوا ما استحقوا به التدمير
٤١١
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١١
﴿ فَأَصَابَهُمْ سيئات مَا عَمِلُوا ﴾ [النحل : ٣٤] جزاء سيئات أعمالهم ﴿ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ ﴾ وأحاط بهم جزاء استهزائهم ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْءٍ نَّحْنُ وَلا ءَابَآؤُنَا ﴾ [النحل : ٣٥] هذا كلام صدر منهم استهزاء ولو قالوه اعتقاداً لكان صواباً ﴿ وَلا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْءٍ ﴾ [النحل : ٣٥] يعني البحيرة والسائبة ونحوهما ﴿ كَذَالِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ [النحل : ٣٣] أي كذبوا الرسل وحرموا الحلال وقالوا مثل قولهم استهزاء ﴿ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلَـاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النحل : ٣٥] إلا أن يبلغوا الحق ويطّلعوا على بطلان الشرك وقبحه ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ [النحل : ٣٦] بأن وحدوه ﴿ وَاجْتَنِبُوا الطَّـاغُوتَ ﴾ [النحل : ٣٦] الشيطان يعني طاعته ﴿ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ ﴾ [النحل : ٣٦] لاختيارهم الهدى ﴿ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَـالَةُ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٢
النحل : ٣٦] أي لزمته لاختياره إياها ﴿ فَسِيرُوا فِى الارْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران : ١٣٧] حيث أهلكهم الله وأخلى ديارهم عنهم ثم ذكر عناد قريش وحرص رسول الله صلى الله عليه وسلّم على إيمانهم وأعلمه أنهم من قسم من حقت عليه الضلالة فقال ﴿ إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاـاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى مَن يُضِلُّ ﴾ [النحل : ٣٧] بفتح الياء وكسر الدال كوفي الباقون بضم الياء وفتح الدال والوجه فيه أن من يضل مبتد ولا يهدي خبره ﴿ وَمَا لَهُم مِّن نَّـاصِرِينَ ﴾ [آل عمران : ٢٢] يمنعونهم من جريان حكم الله عليهم ويدفعون عنهم عذابه الذي أعد لهم ﴿ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـانِهِمْ ﴾ [الأنعام : ١٠٩] معطوف على وقال الذي أشركوا
٤١٢


الصفحة التالية
Icon