فيأخذهم العذاب وهم متخوفون متوقعون وهو خلاف قوله من حيث لا يشعرون ﴿ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُافٌ رَّحِيمٌ ﴾ [النحل : ٤٧] حيث يحلم عنكم ولا يعاجلكم مع استحقاقكم والمعنى أنه إذا لم يأخذكم مع ما فيكم فإنما رأفته تقيكم ورحمته تحميكم
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٤
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا ﴾ [الإسراء : ٩٩] وبالتاء حمزة وعلي وأبو بكر ﴿ إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ ﴾ [النحل : ٤٨] ما موصولة بخلق الله وهو مبهم بيانه ﴿ مِن شَىْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلَـالُهُ ﴾ أي يرجع من موضع إلى موضع.
وبالتاء بصري ﴿ عَنِ الْيَمِينِ ﴾ [الصافات : ٢٨] أي الأيمان ﴿ وَالشَّمَآ ـاِلِ ﴾ جمع شمال ﴿ سُجَّدًا لِّلَّهِ ﴾ [النحل : ٤٨] حال من الظلال.
عن مجاهد إذا زالت الشمس سجد كل شيء ﴿ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴾ [النحل : ٤٨] صاغرون وهو حال من الضمير في ظلاله لأنه في معنى الجمع وهو ما خلق الله من كل شيء له ظل وجمع بالواو والنون لأن الدخور من أوصاف العقلاء أو لأن في جملة ذلك من يعقل فغلب والمعنى أو لم يروا إلى ما خلق الله من الأجرام التي لها ظلال متفيئة عن أيمانها وشمائلها أي ترجع الظلال من جانب إلى جانب منقادة لله تعالى غير ممتنعة عليه فيما سخرها له من التفيؤ والأجرام في أنفسها داخرة أيضاً صاغرة منقادة لأفعال الله فيها غير ممتنعة ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ مِن دَآبَّةٍ ﴾ [النحل : ٤٩] من بيان لما في السماوات وما في الأرض جميعاً على أن في السماوات خلقاً يدبون فيها كما تدب الأناسي في الأرض أو بيان لما في الأرض وحده والمراد بما في السماوات ملائكتهن وبقوله ﴿ وَالْمَلَـائكَةُ ﴾ ملائكة الأرض من الحفظة وغيرهم قيل المراد بسجود المكلفين طاعتهم وعبادتهم وبسجود غيرهم انقيادهم لإرادة الله ومعنى الانقياد يجمعهما فلم يختلفا فلذا جاز أن يعبر عنهما بلفظ واحد وجيء بما إذ هو صالح للعقلاء وغيرهم ولو جيء بمن لتناول العقلاء خاصة ﴿ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [النحل : ٤٩] ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُم ﴾ [النحل : ٥٠] هو حال من الضمير في لا يستكبرون أي لا يستكبرون خائفين ﴿ مِن فَوْقِهِمْ ﴾ [الزمر : ١٦] إن علقته بيخافون فمعناه يخافونه أن يرسل عليهم عذاباً من فوقهم وإن علقته بربهم حالاً منه فمعناه يخافون ربهم غالباً لهم قاهراً كقوله
٤١٥
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ [الأنعام : ١٨] ﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل : ٥٠] وفيه دليل على أن الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهي وأنهم بين الخوف والرجاء
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٥
﴿ وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَـاهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَـاهٌ وَاحِدٌ ﴾ [النحل : ٥١] فإن قلت إنما جمعوا بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد والاثنين فقالوا عندي رجال ثلاثة لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد الخاص فأما رجل ورجلان فمعدودان فيهما دلالة على العدد فلا حاجة إلى أن يقال رجل واحد ورجلان اثنان قلت الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال على شيئين على الجنسية والعدد المخصوص فإذا أريدت الدلالة على أن المعنيّ به منهما هو العدد شفع بما يؤكده فدل به على القصد إليه والعناية به ألا ترى أنك لو قلت إنما هو إله ولم تؤكده بواحد لم يحسن وخيل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية ﴿ فَإِيَّـايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [النحل : ٥١] نقل الكلام عن الغيبة إلى التكلم وهو من طريقة الالتفات وهو أبلغ في الترغيب من قوله فإياي فارهبوه.
فارهبوني يعقوب ﴿ وَلَهُ مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ وَلَهُ الدِّينُ ﴾ أي الطاعة ﴿ وَاصِبًا ﴾ واجباً ثابتاً لأن كل نعمة منه فالطاعة واجبة له على كل منعم عليه وهو حال عمل فيه الظرف أو وله الجزاء دائماً يعني الثواب والعقاب ﴿ اللَّهِ تَتَّقُونَ * وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ ﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤١٦