بالمملوك ليميزه من الحر لأن اسم العبد يقع عليهما جميعاً إذ هما من عباد الله وبلا يقدر على شيء ليمتاز من المكاتب والمأذون فيهما يقدران على التصرف ومن موصوفة أي وحراً زرقناه ليطابق عبداً أو موصولة ﴿ هَلْ يَسْتَوُانَ ﴾ [النحل : ٧٥] جمع الضمير لإرادة الجمع أي لا يستوي القبيلان ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل : ٧٥] بأن الحمد والعبادة لله ثم زاد في البيان فقال :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢٢
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَىْءٍ ﴾ [النحل : ٧٦] الأبكم الذي ولد أخرس فلا يفهم ولا يفهم ﴿ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَـاهُ ﴾ [النحل : ٧٦] أي ثقل وعيال على من يلي أمره ويعوله ﴿ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ ﴾ [النحل : ٧٦] حيثما يرسله ويصرفه في مطلب حاجة أو كفاية منهم لم ينفع ولم يأت بنجح ﴿ هَلْ يَسْتَوِى هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ﴾ [النحل : ٧٦] أي ومن هو سليم الحواس نفاع ذو كفايات مع رشد وديانة فهو يأمر الناس بالعدل والخير ﴿ وَهُوَ ﴾ في نفسه ﴿ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام : ٣٩] على سيرة صالحة ودين قويم وهذا مثل ثان ضربه لنفسه ولما يفيض على عباده من آثار رحمته ونعمته وللأصنام التي هي أموات لا تضر ولا تنفع ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [هود : ١٢٣] أي يختص به علم ما غاب فيهما عن العباد وخفى عليهم علمه أو أراد بغيب السماوات والأرض يوم القيامة على أن علمه غائب عن أهل السماوات والأرض لم يطلع عليه أحد منهم ﴿ وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ ﴾ [النحل : ٧٧] في قرب كونها وسرعة قيامها ﴿ إِلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ ﴾ [النحل : ٧٧] كرجع طرف وإنما ضرب به المثل لأنه لا يعرف زمان أقل منه ﴿ أَوْ هُوَ ﴾ [النحل : ٧٧] أي الأمر ﴿ أَقْرَبُ ﴾ وليس هذا لشك المخاطب ولكن المعنى كونوا في كونها على هذا الاعتبار وقيل بل هو أقرب ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة : ٢٠] فهو يقدر على أن يقيم الساعة ويبعث الخلق لأنه بعض المقدورات ثم
٤٢٤
دل على قدرته بما بعده فقال :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢٤
﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَـاتِكُمْ ﴾ [النحل : ٧٨] وبكسر الألف وفتح الميم عليّ اتباعاً لكسرة النون وبكسرهما حمزة والهاء مزيدة في أمهات للتوكيد كما زيدت في أراق فقيل أهراق وشذت زيادتها في الواحدة ﴿ لا تَعْلَمُونَ شيئا ﴾ [النحل : ٧٨] حال أي غير عالمين شيئاً من حق المنعم الذي خلقكم في البطون ﴿ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالابْصَـارَ وَالافْـاِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل : ٧٨] أي وما ركب فيكم هذه الأشياء إلا آلات لإزالة الجهل الذي ولدتم عليه واجتلاب العلم والعمل به من شكر المنعم وعبادته والقيام بحقوقه والأفئدة في فؤاد كالأغربة في غراب وهو من جموع القلة التي جرت مجرى جموع الكثرة لعدم السماع في غيرها ﴿ أَلَمْ يَرَوْا ﴾ [النمل : ٨٦] وبالتاء شامي وحمزة ﴿ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ ﴾ [النحل : ٧٩] مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المواتية لذلك ﴿ فِى جَوِّ السَّمَآءِ ﴾ [النحل : ٧٩] هو الهواء المتباعد من الأرض في سمت العلو ﴿ مَا يُمْسِكُهُنَّ ﴾ [النحل : ٧٩] في قبضهن وبسطهن ووقوفهن ﴿ إِلا اللَّهُ ﴾ [النحل : ٧٩] بقدرته وفيه نفي لما يصوره الوهم من خاصية القوى الطبيعية ﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَـاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [النحل : ٧٩] بأن الخلق لا غنى به عن الخالق ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ﴾ [النحل : ٨٠] هو فعل بمعنى مفعول أي ما يسكن إليه وينقطع إليه من بيت أو إلف ﴿ وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الانْعَـامِ بُيُوتًا ﴾ [النحل : ٨٠] هي قباب الأدم ﴿ تَسْتَخِفُّونَهَا ﴾ ترونها خفيفة المحمل في الضرب والنقض والنقل ﴿ يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ﴾ [النحل : ٨٠] بسكون العين كوفي وشامي وبفتح العين وغيرهم والظعن بفتح العين وسكونها الارتحال ﴿ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ﴾ [النحل : ٨٠] قراركم في منازلكم والمعنى أنها خفيفة عليكم في أوقات السفر والحضر على أن اليوم بمعنى الوقت ﴿ وَمِنْ أَصْوَافِهَا ﴾ [النحل : ٨٠] أي أصواف
٤٢٥


الصفحة التالية
Icon