﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِى كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ﴾ [النحل : ٨٩] يعني نبيهم لأنه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم ﴿ وَجِئْنَا بِكَ ﴾ [النحل : ٨٩] يا محمد ﴿ شَهِيدًا عَلَى هؤلاء ﴾ [النحل : ٨٩] على أمتك ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـابَ تِبْيَـانًا ﴾ [النحل : ٨٩] بيانا بليغاً ﴿ لِّكُلِّ شَىْءٍ ﴾ [الأعراف : ١٤٥] من أمور الدين أما في الأحكام المنصوصة فظاهر وكذا فيما ثبت بالسنة أو بالإجماع أو بقول الصحابة أو بالقياس لأن مرجع الكل إلى الكتاب حيث أمرنا فيه باتباع رسوله عليه السلام وطاعته بقوله :﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النور : ٥٤] وحثنا على الإجماع فيه بقوله :﴿ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء : ١١٥].
وقد رضي رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأمته باتباع أصحابه بقوله :" أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " وقد اجتهدوا وقاسوا ووطّؤوا طرق الاجتهاد والقياس مع أنه أمرنا به بقوله فاعتبروا يا أولي الأبصار فكانت السنة والإجماع وقول الصحابي والقياس مستندة إلى تبيان الكتاب فتبين أنه كان تبياناً لكل شيء ﴿ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل : ٨٩] ودلالة إلى الحق ورحمة لهم وبشارة لهم بالجنة لهم
٤٢٨
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢٨
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ﴾ [النحل : ٩٠] بالتسوية في الحقوق فيما بينكم وترك الظلم وإيصال كل ذي حق إلى حقه ﴿ وَالاحْسَانِ ﴾ إلى من أساء إليكم أو هما الفرض والندب لأن الفرض لا بد من أن يقع فيه تفريط فيجبره الندب ﴿ وَإِيتَآى ِ ذِى الْقُرْبَى ﴾ [النحل : ٩٠] وإعطاء ذي القرابة وهو صلة الرحم ﴿ وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ ﴾ [النحل : ٩٠] عن الذنوب المفرطة في القبح ﴿ وَالْمُنْكَرِ ﴾ ما تنكره العقول ﴿ وَالْبَغْىِ ﴾ طلب التطاول بالظلم والكبر ﴿ يَعِظُكُمْ ﴾ حال أو مستأنف ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام : ١٥٢] تتعظون بمواعظ الله وهذه الآية سبب إسلام عثمان بن مظعون فإنه قال : ما كنت أسلمت إلا حياء منه عليه السلام لكثرة ما كان يعرض على الإسلام ولم يستقر الإيمان في قلبي حتى نزلت هذه الآية وأنا عنده فاستقر الإيمان في قلبي فقرأتها على الوليد بن المغيرة فقال : والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وما هو بقول البشر وقال أبو جهل : إن إلهه ليأمر بمكارم الأخلاق وهي أجمع آية في القرآن للخير والشر ولهذا يقرأها كل خطيب على المنبر في آخر كل خطبة لتكون عظة جامعة لكل مأمور ومنهي ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَـاهَدتُّمْ ﴾ [النحل : ٩١] هي البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم على الإسلام ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ﴾ [الفتح : ١٠] ﴿ وَلا تَنقُضُوا الايْمَـانَ ﴾ [النحل : ٩١] أيمان البيعة ﴿ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ﴾ [النحل : ٩١] بعد توثيقها باسم الله وأكد ووكد لغتان فصيحتان والأصل الواو والهمزة بدل منها ﴿ وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا ﴾ [النحل : ٩١] شاهداً ورقيباً لأن الكفيل مراع لحال المكفول به مهيمن عليه ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل : ٩١] من البر والحنث فيجازيكم به
٤٢٩
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٢٩