نفسه وأهله وماله وولده كما يدعو لهم بالخير أو يطلب النفع العاجل وإن قل بالضرر الآجل وإن جل ﴿ وَكَانَ الانسَـانُ عَجُولا ﴾ [الإسراء : ١١] يتسرع إلى طلب كل ما يقع في قلبه ويخطر بباله لا يتأنى فيه تأني المتبصر أو أريد بالإنسان الكافر وأنه يدعوه بالعذاب استهزاء ويستعجل به كما يدعو بالخير إذا مسته الشدة وكان الإنسان عجولاً يعني أن العذاب آتيه لا محالة فما هذا الاستعجال وعن ابن عباس رضي الله عنهما هو النضر بن الحارث قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك.
الآية فأجيب فضربت عنقه صبراً وسقوط الواو من يدع في الخط على موافقة اللفظ ﴿ وَجَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءَايَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ ءَايَةَ الَّيْلِ وَجَعَلْنَآ ءَايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ [الإسراء : ١٢] أي الليل والنهار آيتان في أنفسهما فتكون الإضافة في آية الليل وآية النهار للتبيين كإضافة العدد إلى المعدود أي فمحونا الآية التي هي الليل وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة أو جعلنا نيري الليل والنهار آيتين يريد الشمس والقمر فمحونا آية الليل التي هي القمر حيث لم نخلق له شعاعاً كشعاع الشمس فترى الأشياء به رؤية بينة وجعلنا الشمس ذات شعاع يبصر في ضوئها كل شيء ﴿ لِّتَبْتَغُوا فَضْلا مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [الإسراء : ١٢] لتتوصلوا ببياض النهار إلى التصرف في معايشكم ﴿ وَلِتَعْلَمُوا ﴾ باختلاف الجديدين ﴿ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾ [يونس : ٥] يعني حساب الآجال ومواسم الأعمال ولو كانا مثلين لما عرف الليل من النهار ولا استراح حراص المكتسبين والتجار ﴿ وَكُلَّ شَىْءٍ ﴾ [يس : ١٢] مما تفتقرون إليه في دينكم ودنياكم ﴿ فَصَّلْنَـاهُ تَفْصِيلا ﴾ [الإسراء : ١٢] بيناه بياناً غير ملتبس فأزحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا ﴿ وَكُلَّ إِنسَـانٍ أَلْزَمْنَـاهُ طَـائرَهُ ﴾ [الإسراء : ١٣] عمله ﴿ فِى عُنُقِهِ ﴾ [الإسراء : ١٣] يعني أن عمله لازم له لزوم القلادة أو الغل للعنق لا يفك عنه ﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ كِتَـابًا يَلْقَـاـاهُ ﴾ [الإسراء : ١٣] هو صفة لكتاباً.
يُلقَّاه شامي ﴿ مَنشُورًا ﴾ حال من يلقاه يعني غير مطوي ليمكنه قراءته أو هما صفتان للكتاب ونقول له ﴿ اقْرَأْ كِتَـابَكَ ﴾ [الإسراء : ١٤] أي كتاب أعمالك وكلٌّ يُبعث قارئاً
٤٤٦
﴿ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ ﴾ [الإسراء : ١٤] الباء زائدة أي كفى نفسك ﴿ حَسِيبًا ﴾ تمييز وهو بمعنى حاسب وعلى متعلق به من قولك حسب عليه كذا أو بمعنى الكافي.
وضع موضع الشهيد فعدى بعلى لأن الشاهد يكفي المدعى ما أهمه وإنما ذكر حسيباً لأنه بمنزلة الشهيد والقاضي والأمير إذا الغالب أن يتولى هذه الأمور الرجال فكأنه قيل كفى نفسك رجلاً حسيباً أو تؤوّل النفس بالشخص
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٤٥