تدبير أمر المعيشة وعند نفسك إذا احتجت فندمت على ما فعلت ﴿ مَّحْسُورًا ﴾ منقطعاً بك لا شيء عندك من حسرة السفر إذا أثر فيه أثراً بليغاً أو عارياً من حسر رأسه وقد خاطرت مسلمة ضرتها اليهودية في أنه يعني محمداً عليه السلام أجود من موسى عليه السلام فبعثت ابنتها تسأله قميصه الذي عليه فدفعه وقعد عرياناً فأقيمت الصلاة فلم يخرج للصلاة فنزلت ثم سلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عما كان يرهقه من الإضافة بأَن ذلك ليس لهوان منك عليه ولا لبخل به عليك ولكن لأن بسط الأرزاق وقدرها مفوض إلى الله تعالى فقال :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٥١
﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ ﴾ [الإسراء : ٣٠] فليس البسط إليك ﴿ وَيَقْدِرُ ﴾ أي هو يضيق فلا لوم عليك ﴿ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرَا ﴾ [الإسراء : ٣٠] بمصالحهم فيمضيها ﴿ بَصِيرًا ﴾ بحوائجهم فيقضيها ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ ﴾ [الإسراء : ٣١] قتلهم أولادهم وأدهم بناتهم ﴿ خَشْيَةَ إِمْلَـاقٍ ﴾ [الإسراء : ٣١] فقر ﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾ [الإسراء : ٣١] نهاهم عن ذلك وضمن أرزاقهم ﴿ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْـاًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء : ٣١] إثماً عظيماً يقال : خطىء خطأ كأثم إثماً.
خطأ شامي وهو ضد الصواب اسم من أخطأ وقيل هو والخطء كالحذر والحذر خطاء بالمد والكسر مكي ﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى ﴾ [الإسراء : ٣٢] القصر فيه أكثر والمدلغة وقد قرئ به وهو نهى عن دواعي الزنا كالمس والقبلة ونحوهما ولو أريد النهي عن نفس الزنا لقال ولا تزنوا ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ﴾ [الإسراء : ٣٢] معصية مجاوزة حد الشرع والعقل ﴿ وَسَآءَ سَبِيلا ﴾ [النساء : ٢٢] وبئس طريقاً طريقه ﴿ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام : ١٥١] أي بارتكاب ما يبيح الدم ﴿ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا ﴾ [الإسراء : ٣٣] غير مرتكب ما يبيح الدم ﴿ فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَـانًا ﴾ [الإسراء : ٣٣] تسلطاً على القاتل في الاقتصاص منه ﴿ فَلا يُسْرِف فِّى الْقَتْلِ ﴾ [الإسراء : ٣٣] الضمير للولي أي فلا يقتل غير
٤٥٢
القاتل ولا اثنين والقاتل واحد كعادة أهل الجاهلية أو الإسراف المثلة أو الضمير للقاتل الأول فلا تسرف حمزة وعلي على خطاب الولي أو قاتل المظلوم ﴿ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ﴾ [الإسراء : ٣٣] الضمير للولي أي حسبه أن الله قد نصره بأن أوجب له القصاص فلا يستزد على ذلك أو للمظلوم أي الله ناصره حيث أوجب القصاص بقتله وينصره في الآخرة بالثواب أو للذي يقتله الولي بغير حق ويسرف في قتله فإنه كان منصوراً بإيجاب القصاص على المسرف.
وظاهر الآية يدل على أن القصاص يجري بين الحر والعبد وبين المسلم والذمي لأن أنفس أهل الذمة والعبيد داخلة في الآية لكونها محرمة
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٥٢