﴿ أَفَأَصْفَـاـاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ ﴾ [الإسراء : ٤٠] الهمزة للإنكار يعني أفخصكم ربكم على وجه الخلوص والصفاء بأفضل الأولاد وهم البنون ﴿ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَـائكَةِ إِنَـاثًا ﴾ [الإسراء : ٤٠] واتخذ أدونهم وهي البنات وهذا خلاف الحكمة وما عليه معقولكم فالعبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء وأصفاها ويكون أردؤها وأدونها للسادات ﴿ إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلا عَظِيمًا ﴾ [الإسراء : ٤٠] حيث أضفتم إليه الأولاد وهي من خواص الأجسام ثم فضلتم عليه أنفسكم حيث تجعلون له ما تكرهون ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَـاذَا الْقُرْءَانِ ﴾ [الإسراء : ٤١] أي التنزيل والمراد ولقد صرفناه أي هذا المعنى في مواضع من التنزيل فترك الضمير لأنه معلوم ﴿ لِّيَذْكُرُوا ﴾ وبالتخفيف حمزة وعلي أي كررناه ليتعظوا ﴿ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا نُفُورًا ﴾ [الإسراء : ٤١] عن الحق وكان الثوري إذ قرأها يقول زادني لك خضوعاً ما زاد أعداءك نفوراً ﴿ قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ ﴾ [الإسراء : ٤٢] مع الله ﴿ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا ﴾ [الإسراء : ٤٢] وبالياء مكي وحفص ﴿ إِذًا ابْتَغَوْا إِلَى ذِى الْعَرْشِ سَبِيلا ﴾ [الإسراء : ٤٢] يعني لطلبوا إلى من له الملك والربوبية سبيلاً بالمغالبة
٤٥٥
كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض أو لتقربوا إليه كقوله : أولئك الذي يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة.
وإذاً دالة على أن ما بعدها وهو لابتغوا جواب عن مقالة المشركين وجزاء للو
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٥٥
﴿ سُبْحَـانَهُ وَتَعَـالَى عَمَّا يَقُولُونَ ﴾ [الإسراء : ٤٣] وبالتاء حمزة وعلي ﴿ عَلَوْا ﴾ أي تعاليا والمراد البراءة من ذلك والنزاهة ﴿ كَبِيرًا ﴾ وصف العلو بالكبر مبالغة في معنى البراءة والبعد مما وصفوه به ﴿ تُسَبِّحُ ﴾ وبالتاء عراقي غير أبي بكر ﴿ لَهُ السَّمَـاوَاتُ السَّبْعُ وَالارْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ﴾ [الإسراء : ٤٤] أي يقول سبحان الله وبحمده.
عن السدي قال عليه السلام :" ما اصطيد حوت في البحر ولا طائر يطير لا بما يضيع من تسبيح الله تعالى " ﴿ وَلَـاكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء : ٤٤] لاختلاف اللغات أو لتعسر الإدراك أو سبب لتسبيح الناظر إليه، والدال على الخير كفاعله.
والوجه الأول ﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا ﴾ [الإسراء : ٤٤] عن جهل العباد ﴿ غَفُورًا ﴾ لذنوب المؤمنين ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا ﴾ [الإسراء : ٤٥] ذا ستر أو حجاباً لا يرى فهو مستور ﴿ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً ﴾ [الأنعام : ٢٥] جمع كنان وهو الذي يستر الشيء ﴿ أَن يَفْقَهُوهُ ﴾ [الأنعام : ٢٥] كراهة أن يفقهوه ﴿ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [الإسراء : ٤٦] ثقلاً يمنع عن الاستماع ﴿ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ ﴾ [الإسراء : ٤٦] يقال : وحد يحد وحداً وحدة نحو وعد يعد وعداً وعدة فهو مصدر سد مسد الحال أصله يحد وحده بمعنى واحداً ﴿ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَـارِهِمْ ﴾ [الإسراء : ٤٦] رجعوا على أعقابهم ﴿ نُفُورًا ﴾ مصدر بمعنى التولية أو جمع نافر كقاعد وقعود أي يحبون أن
٤٥٦
تذكر معه آلهتهم لأنهم مشركون فإذا سمعوا بالتوحيد نفروا
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٥٦