﴿ ذَالِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِـاَايَـاتِنَا وَقَالُوا أَءِذَا كُنَّا عِظَـامًا وَرُفَـاتًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ﴾ [الإسراء : ٩٨] أي ذلك العذاب بسبب أنهم كذبوا بالإعادة بعد الإفناء فجعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجزائهم تأكلها ثم يعيدها لا يزالون على ذلك ليزيد في تحسرهم على تكذيبهم البعث ﴿ أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ ءَايَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَـاؤُا بَنِى إِسْرَاءِيلَ ﴾ أو لم يعلموا ﴿ أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ﴾ [الإسراء : ٩٩] من الإنس ﴿ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلا لا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [الإسراء : ٩٩] وهو الموت أو القيامة ﴿ فَأَبَى الظَّـالِمُونَ اِلا كُفُورًا ﴾ [الإسراء : ٩٩] جحوداً مع وضوح الدليل ﴿ قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ ﴾ [الإسراء : ١٠٠] تقديره لو تملكون أنتم لأن لو تدخل على الأفعال دون الأسماء فلا بد من فعل بعدها فأضمر تملك على شريطة التفسير وأبدل من الضمير المتصل وهو الواو ضميره منفصل وهو أنتم لسقوط ما يتصل به من اللفظ فأنتم فاعل الفعل المضمر وتملكون تفسيره وهذا هو الوجه الذي يقتضيه علم الإعراب وأما ما يقتضيه علم البيان فهو أن أنتم تملكون فيه دلالة على الاختصاص وأن الناس هم المختصون بالشح المتبالغ ﴿ خَزَآ ـاِن رَحْمَةِ رَبِّى ﴾ [الإسراء : ١٠٠] رزقه وسائر نعمه على خلقه ﴿ إِذًآ لامْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الانفَاقِ ﴾ [الإسراء : ١٠٠] أي لبخلتم خشية أن يفنيه الإنفاق ﴿ وَكَانَ الانسَـانُ قَتُورًا ﴾ [الإسراء : ١٠٠] بخيلاً ﴿ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءَايَـاتٍ بَيِّنَـاتٍ ﴾ [الإسراء : ١٠١] عن ابن عباس رضي الله عنهما هي العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم والحجر والبحر والطور الذي نتقه على بني إسرائيل وعن الحسن الطوفان والسنون ونقص الثمرات مكان الحجر والبحر والطور ﴿ فَسْـالْ بَنِى ﴾ فقلنا له اسأل بني إسرائيل أي سلهم من فرعون وقل له أرسل معي بني إسرائيل وقوله ﴿ إِذْ ﴾ متعلق بقوله المحذوف
٤٧٦
أي فقلنا له سلهم حين جاءهم ﴿ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّى لاظُنُّكَ يَـامُوسَى مَسْحُورًا ﴾ [الإسراء : ١٠١] سحرت فخولط عقلك
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٧٦
﴿ قَالَ ﴾ أي موسى ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ ﴾ [الإسراء : ١٠٢] يا فرعون ﴿ مَآ أَنزَلَ هؤلاء ﴾ [الإسراء : ١٠٢] الآيات ﴿ إِلا رَبُّ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [الإسراء : ١٠٢] خالقهما ﴿ بَصَآ ـاِرَ ﴾ حال أبي بينات مكشوفات إلا أنك معاند ونحوه ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النمل : ١٤].
علمت بالضم عليّ أي إني لست بمسحور كما وصفتني بل أنا عالم بصحة الأمر وأن هذه الآيات منزلها رب السماوات والأرض ثم قارع ظنه بظنه بقوله :﴿ وَإِنِّى لاظُنُّكَ يَـافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴾ [الإسراء : ١٠٢] كأنه قال : إن ظننتني مسحوراً فأنَا أظنك مثبوراً هالكاً وظني أصح من ظنك لأن له أمارة ظاهرة وهي إنكارك ما عرفت صحته ومكابرتك لآيات الله بعد وضوحها وأما ظنك فكذب بحث لأن قولك مع علمك بصحة أمري إني لأظنك مسحوراً قول كذب وقال الفراء : مثبوراً مصروفاً عن الخير من قولهم ما ثبرك عن هذا أي ما منعك وصرفك ﴿ فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم ﴾ [الإسراء : ١٠٣] يخرجهم أي موسى وقومه ﴿ مِّنَ الارْضِ ﴾ [الروم : ٢٥] أي أرض مصر أو ينفيهم عن ظهر الأرض بالقتل والاستئصال ﴿ فَأَغْرَقْنَـاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا ﴾ [الإسراء : ١٠٣] فحاق به مكره بأن استفزه الله بإغراقه مع قبطه ﴿ وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ ﴾ [الإسراء : ١٠٤] من بعد فرعون ﴿ لِبَنِى إِسْرَاءِيلَ اسْكُنُوا الارْضَ ﴾ [الإسراء : ١٠٤] التي أراد فرعون أن يستفزكم منها فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرَةِ } أي القيامة
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٧٧
﴿ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ﴾ [الإسراء : ١٠٤] جمعاً مختلطين إياكم وإياهم ثم نحكم بينكم ونميز بين سعدائكم وأشقيائكم واللفيف الجماعات من قبائل شتى ﴿ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَـاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ﴾ [الإسراء : ١٠٥] وما أنزلنا القرآن إلا بالحكمة وما نزل إلا
٤٧٧