﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِىُّ ﴾ [الأنعام : ١٣٣] عن عباده وعن عبادتهم ﴿ ذُو الرَّحْمَةِ ﴾ [الأنعام : ١٣٣] عليهم بالتكليف ليعرّضهم للمنافع الدائمة ﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ [النساء : ١٣٣] أيها الظلمة ﴿ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَآءُ ﴾ [الأنعام : ١٣٣] من الخلق المطيع ﴿ كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ ءَاخَرِينَ ﴾ [الأنعام : ١٣٣] من أولاد قوم آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم وهم أهل سفينة نوح عليه السلام ﴿ إِنَّ مَا ﴾ [الأنعام : ١٣٤] ما بمعنى الذي ﴿ تُوعَدُونَ ﴾ من البعث والحساب والثواب والعقاب ﴿ لاتٍ ﴾ خبر " إن " أي لكائن ﴿ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ﴾ [الأنعام : ١٣٤] بفائتين رد لقولهم من مات فقد فات.
المكانة تكون مصدراً يقال مكن مكانة إذا تمكن أبلغ التمكن، وبمعنى المكان يقال مكان ومكانة ومقام ومقامة وقوله ﴿ قُلْ يَـاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ ﴾ [الزمر : ٣٩] يحتمل اعملوا على تمكنكم من أمركم وأقصى استطاعتكم وإمكانكم، واعملوا على جهتكم وحالكم التي أنتم عليها، ويقال للرجل إذا أمر أن يثبت على حاله : على مكانتك يا فلان أي اثبت على ما أنت عليه
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٩
﴿ إِنِّى عَـامِلٌ ﴾ [هود : ٩٣] على مكانتي التي أنا عليها أي اثبتوا على كفركم وعداوتكم لي فإني ثابت على الإسلام وعلى مصابرتكم وهو أمر تهديد ووعيد، دليله قوله
٥١
﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَـاقِبَةُ الدَّارِ ﴾ [الأنعام : ١٣٥] أي فسوف تعلمون أينا تكون له العاقبة المحمودة، وهذا طريق لطيف في الإنذار ﴿ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّـالِمُونَ ﴾ [الأنعام : ٢١] أي الكافرون حيث كان : أبو بكر ﴿ ثُمَّ يَكُونُ ﴾ [الحديد : ٢٠] حمزة وعلي.
وموضع ﴿ مِنْ ﴾ رفع إذا كان بمعنى " أي " وعلق عنه فعل العلم، أو نصب إذا كان بمعنى الذي ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالانْعَـامِ نَصِيبًا ﴾ [الأنعام : ١٣٦] أي وللأصنام نصيباً فاكتفى بدلالة قوله تعالى ﴿ فَقَالُوا هَـاذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـاذَا لِشُرَكَآ ـاِنَا ﴾ [الأنعام : ١٣٦] علي.
وكذا ما بعده أي زعموا أنه لله والله لم يأمرهم بذلك ولا شرع لهم تلك القسمة ﴿ لِشُرَكَآ ـاِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآ ـاِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [الأنعام : ١٣٦] أي لا يصل إلى الوجوه التي كانوا يصرفونه إليها من قرى الضيفان والتصدق على المساكين ﴿ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآ ـاِهِمْ ﴾ [الأنعام : ١٣٦] من إنفاقهم عليها والإجراء على سدنتها.
روي أنهم كانوا يعينون أشياء من حرث ونتاج لله وأشياء منهما لآلهتهم، فإذا رأوا ما جعلوا لله زاكياً نامياً رجعوا فجعلوه للأصنام، وإذا زكا ما جعلوه للأصنام تركوه لها وقالوا : إن الله غني، وإنما ذاك لحبهم آلهتهم وإيثارهم لها.
وفي قوله ﴿ مِمَّا ذَرَأَ ﴾ [الأنعام : ١٣٦] إشارة إلى أن الله كان أولى بأن يجعل له الزاكي لأنه هو الذي ذرأه.
ثم ذم صنيعهم بقوله ﴿ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الأنعام : ١٣٦] في إيثار آلهتهم على الله وعملهم على ما لم يشرع لهم.
وموضع " ما " رفع أي ساء الحكم.
حكمهم بأو نصب أي ساء حكماً حكمهم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٩
﴿ وَكَذَالِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام : ١٣٧] أي كما زين لهم تجزئة المال زين وأد البنات ﴿ قَتْلَ ﴾ هو مفعول زين ﴿ قَتْلَ أَوْلَـادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ ﴾ هو فاعل زين، ﴿ زُيِّنَ ﴾ بالضم ﴿ قَتْلَ ﴾ بالرفع ﴿ أَوْلَـادُهُمْ ﴾ بالنصب ﴿ شُرَكَآ ـاِهِمْ ﴾ بالجر : شامي على إضافة القتل إلى الشركاء أي الشياطين والفصل بينهما بغير الظرف وهو المفعول
٥٢


الصفحة التالية
Icon