وتقديره : زين لكثير من المشركين قتل شركائهم أولادهم ﴿ لِيُرْدُوهُمْ ﴾ ليهلكوهم بالإغواء ﴿ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ﴾ [الأنعام : ١٣٧] وليخلطوا عليهم ويشوبوه ودينهم ما كانوا عليه من دين إسماعيل حتى زلوا عنه إلى الشرك ﴿ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ﴾ [الأنعام : ١٣٧] وفيه دليل على أن الكائنات كلها بمشيئة الله تعالى ﴿ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام : ١١٢] وما يفترونه من الإفك، أو وافتراءهم لأن ضرر ذلك الافتراء عليهم لا عليك ولا علينا ﴿ وَقَالُوا هَـاذِهِ أَنْعَـامٌ وَحَرْثٌ ﴾ [الأنعام : ١٣٨] للأوثان ﴿ حِجْرٍ ﴾ حرام فعل بمعنى المفعول كالذبح والطحن ويستوي في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والجمع لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات، وكانوا إذا عينوا أشياء من حرثهم وأنعامهم لآلهتهم قالوا ﴿ لا يَطْعَمُهَآ إِلا مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ ﴾ [الأنعام : ١٣٨] يعنون خدم الأوثان والرجال دون النساء، والزعم قول بالظن يشوبه الكذب ﴿ وَأَنْعَـامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا ﴾ [الأنعام : ١٣٨] هي البحائر والسوائب والحوامي ﴿ وَأَنْعَـامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا ﴾ [الأنعام : ١٣٨] حالة الذبح وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام ﴿ افْتِرَآءً عَلَيْهِ ﴾ [الأنعام : ١٣٨] هو مفعول له أو حال أي قسموا أنعامهم قسم حجر، وقسم لا يركب، وقسم لا يذكر اسم الله عليها ونسبوا ذلك إلى الله افتراء عليه ﴿ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٩
الأنعام : ١٣٨] وعيد ﴿ أَزْوَاجِنَا ﴾ كانوا يقولون في أجنة البحائر والسوائب : ما ولد منها حياً فهو خالص للذكور لا يأكل منه الإناث، وما ولد ميتاً اشترك فيه الذكور والإناث.
وأنث ﴿ خَالِصَةٌ ﴾ وهو خبر " ما " للحمل على المعنى لأن " ما " في معنى الأجنة، وذكر ﴿ وَمُحَرَّمٌ ﴾ حملاً على اللفظ أو التاء
٥٣
للمبالغة كنسابة ﴿ وَإِن يَكُن مَّيْتَةً ﴾ [الأنعام : ١٣٩] أي وإن يكن ما في بطونها ميتة.
﴿ أَن يَكُونَ مَيْتَةً ﴾ أبو بكر أي وإن تكن الأجنة ميتة، ﴿ أَن يَكُونَ مَيْتَةً ﴾ شامي على " كان " التامة، ﴿ يَكُن مَّيْتَةً ﴾ [الأنعام : ١٣٩] مكي لتقدم الفعل.
وتذكير الضمير في ﴿ فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ ﴾ [الأنعام : ١٣٩] لأن الميتة اسم لكل ميت ذكر أو أنثى فكأنه قيل : وإن يكن ميت فهم فيه شركاء ﴿ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ ﴾ [الأنعام : ١٣٩] جزاء وصفهم الكذب على الله في التحريم ﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ ﴾ [الأنعام : ١٣٩] في جزائهم ﴿ عَلِيمٌ ﴾ باعتقادهم ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَـادَهُمْ ﴾ [الأنعام : ١٤٠] كانوا يئدون بناتهم مخافة السبي والفقر ﴿ قَـاتِلُوا ﴾ مكي وشامي ﴿ سَفَهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [الأنعام : ١٤٠] لخفة أحلامهم وجهلهم بأن الله هو رازق أولادهم لاهم ﴿ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ ﴾ [الأنعام : ١٤٠] من البحائر والسوائب وغيرها ﴿ افْتِرَآءً عَلَى اللَّهِ ﴾ [الأنعام : ١٤٠] مفعول له ﴿ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام : ١٤٠] إلى الصواب.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٤٩
﴿ وَهُوَ الَّذِى أَنشَأَ ﴾ [الأنعام : ١٤١] خلق ﴿ جَنَّـاتُ ﴾ من الكروم ﴿ مَّعْرُوشَـاتٍ ﴾ مسموكات مرفوعات ﴿ وَغَيْرَ مَعْرُوشَـاتٍ ﴾ [الأنعام : ١٤١] متروكات على وجه الأرض لم تعرش، يقال عرشت الكرم إذا جعلت له دعائم وسمكاً تعطف عليه القضبان
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٤
﴿ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا ﴾ [الأنعام : ١٤١] في اللون والطعم والحجم والرائحة، وهو حال مقدرة لأن النخل وقت خروجه لا أكل فيه حتى يكون مختلفاً وهو كقوله ﴿ فَادْخُلُوهَا خَـالِدِينَ ﴾ [الزمر : ٧٣] (الزمر : ٣٧) ﴿ أَكَلَهُ ﴾ ﴿ أَكَلَهُ ﴾ حجازي وهو ثمره الذي يؤكل، والضمير للنخل، والزرع داخل في حكمه لأنه معطوف عليه، أو لكل واحد ﴿ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَـابِهًا ﴾ [الأنعام : ١٤١] في اللون ﴿ وَغَيْرَ مُتَشَـابِهٍ ﴾ [الأنعام : ٩٩] في الطعم
٥٤


الصفحة التالية
Icon