﴿ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ ﴾ [الأنعام : ١٤١] من ثمر كل واحد، وفائدة ﴿ إِذَآ أَثْمَرَ ﴾ [الأنعام : ١٤١] أن يعلم أن أول وقت الإباحة وقت إطلاع الشجر الثمر ولا يتوهم أنه لا يباح إلا إذا أدرك ﴿ وَءَاتُوا حَقَّهُ ﴾ [الأنعام : ١٤١] عشره وهو حجة أبي حنيفة رحمه الله في تعميم العشر ﴿ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام : ١٤١] بصري وشامي وعاصم، وبكسر الحاء غيرهم.
وهما لغتان ﴿ وَلا تُسْرِفُوا ﴾ [الأنعام : ١٤١] بإعطاء الكل وتضييع العيال.
وقوله ﴿ كُلُوا ﴾ إلى ﴿ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام : ١٤١] اعتراض ﴿ وَمِنَ الانْعَـامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا ﴾ [الأنعام : ١٤٢] عطف على ﴿ جَنَّـاتُ ﴾ أي وأنشأ من الأنعام ما يحمل الأثقال وما يفرش للذبح، أو الحمولة الكبار التي تصلح للحمل والفرش الصغار كالفصلان والعجاجيل والغنم لأنها دانية من الأرض مثل الفرش المفروش عليها ﴿ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ﴾ [الأنعام : ١٤٢] أي ما أحل الله لكم منها ولا تحرموها كما في الجاهلية } ﴿ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَـانِ ﴾ طرقه في التحليل والتحريم كفعل أهل الجاهلية ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ [البقرة : ١٦٨] فاتهموه على دينكم ﴿ ثَمَـانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾ [الأنعام : ١٤٣] بدل من ﴿ حَمُولَةً وَفَرْشًا ﴾ [الأنعام : ١٤٢] ﴿ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ﴾ [الأنعام : ١٤٣] زوجين اثنين يريد الذكر والأنثى، والواحد إذا كان وحده فهو فرد، وإذا كان معه غيره من جنسه سمي كل واحد منهما زوجاً وهما زوجان بدليل قوله ﴿ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالانثَى ﴾ [النجم : ٤٥] (النجم : ٥٤) ويدل عليه قوله ﴿ ثَمَـانِيَةَ أَزْوَاجٍ ﴾ [الأنعام : ١٤٣] ثم فسرها بقوله ﴿ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ﴾ [الأنعام : ١٤٣] ﴿ وَمِنَ الابِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ﴾ [الأنعام : ١٤٤] والضأن والمعز جمع ضائن وماعز كتاجر وتجر.
وفتح عين المعز : مكي وشامي وأبو عمرو وهما لغتان.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٥٤
والهمزة في ﴿ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الانثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الانثَيَيْنِ ﴾ [الأنعام : ١٤٣] للإنكار.
والمراد بالذكرين الذكر من الضأن والذكر من المعز، وبالأنثيين الأنثى من الضأن والأنثى من المعز والمعنى إنكار أن يحرم الله من جنسي الغنم ضأنها ومعزها شيئاً من نوعي ذكورها وإناثها ولا مما تحمل الإناث، وذلك أنهم كانوا يحرمون ذكورة الأنعام تارة
٥٥
وإناثها طوراً وأولادها كيفما كانت ذكوراً أو إناثاً أو مختلطة تارة، وكانوا يقولون : قد حرمها الله فأنكر ذلك عليهم.
وانتصب بـ ﴿ مَا حَرَّمَ ﴾ [آل عمران : ٩٣] وكذا ﴿ أَمِ الانثَيَيْنِ ﴾ [الأنعام : ١٤٣] أي أم حرم الأنثيين وكذا " ما " في ﴿ أَمَّا اشْتَمَلَتْ ﴾ [الأنعام : ١٤٣] ﴿ نَبِّـاُونِى بِعِلْمٍ ﴾ [الأنعام : ١٤٣] أخبروني بأمر معلوم من جهة الله يدل على تحريم ما حرمتم ﴿ إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ ﴾ [البقرة : ٢٣] في أن الله حرمه.


الصفحة التالية
Icon