المطيعين والمتواضعين.
والفاء في ﴿ فَاهْبِطْ ﴾ جواب لقوله ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٧
ص : ٧٦] أي إن كنت تتكبر فاهبط ﴿ فَمَا يَكُونُ لَكَ ﴾ [الأعراف : ١٣] فما يصح لك ﴿ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا ﴾ [الأعراف : ١٣] وتعصى ﴿ فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّـاغِرِينَ ﴾ [الأعراف : ١٣] من أهل الصغار والهوان على الله وعلى أوليائه، يذمك كل إنسان ويلعنك كل لسان لتكبرك، وبه علم أن الصغار لازم للاستكبار ﴿ قَالَ أَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الأعراف : ١٤] أمهلني إلى يوم البعث وهو وقت النفخة الأخيرة ﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴾ [الأعراف : ١٥] إلى النفخة الأولى.
وإنما أجيب إلى ذلك لما فيه من الابتلاء، وفيه تقريب لقلوب الأحباب أي هذا بريء بمن يسبني فكيف بمن يحبني وإنما جسره على السؤال مع وجود الزلل منه في الحال علمه بحلم ذي الجلال.
﴿ قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِى ﴾ [الأعراف : ١٦] أضللتني أي فبسبب إغوائك إياي.
والباء تتعلق بفعل القسم المحذوف تقديره فسبب إغوائك أقسم، أو تكون الباء للقسم أي فأقسم بإغوائك ﴿ لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف : ١٦] لأعترضن لهم على طريق الإسلام مترصداً للرد متعرضاً للصد كما يتعرض العدو على الطريق ليقطعه على السابلة.
وانتصابه على الظرف كقولك " ضرب زيد الظهر " أي على الظهر.
وعن طاوس أنه كان في المسجد الحرام فجاء رجل قدري فقال له طاوس : تقوم أو تقام.
فقام الرجل فقيل له : إنه فقيه؟ فقال : إبليس أفقه منه ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى ﴾ [الحجر : ٣٩] وهو يقول أنا أغوي نفسي.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٧
﴿ ثُمَّ لاتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الأعراف : ١٧] أشككهم في الآخرة ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ [فصلت : ١٤] أرغبهم في الدنيا ﴿ وَعَنْ أَيْمَـانِهِمْ ﴾ [الأعراف : ١٧] من قبل الحسنات ﴿ وَعَن شَمَآ ـاِلِهِمْ ﴾ [الأعراف : ١٧] من قبل السيئات وهو جمع شمال يعني ثم لآتينهم من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو في الأغلب.
٦٩
وعن شقيق : ما من صباح إلا قعد لي الشيطان على أربعة مراصد : من بين يدي فيقول لا تخف فإن الله غفور رحيم فأقرأ ﴿ وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـالِحًا ﴾ [طه : ٨٢] (طه : ٢٨).
ومن خلفي فيخوفني الضيعة على مخلفي فاقرأ ﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الارْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود : ٦] (هود : ٦) وعن يميني فيأتيني من قبل الثناء فأقرأ ﴿ وَالْعَـاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف : ١٢٨] (القصص : ٣٨) وعن شمالي فيأتيني من قبل الشهوات فأقرأ ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ [سبأ : ٥٤] (سبأ : ٤٥) ولم يقل من فوقهم ومن تحتهم لمكان الرحمة والسجدة، وقال في الأولين " من " لابتداء الغاية وفي الأخيرين " عن " لأن " عن " تدل على الانحراف ﴿ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـاكِرِينَ ﴾ [الأعراف : ١٧] مؤمنين قاله ظناً فأصاب لقوله ﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ﴾ [سبأ : ٢٠] (سبأ : ٠٢) أو سمعه من الملائكة بإخبار الله تعالى إياهم.
﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا ﴾ [الأعراف : ١٨] من الجنة أو من السماء ﴿ مَذْءُومًا ﴾ معيباً من ذأمه إذا ذمه والذأم والذم العيب ﴿ مَّدْحُورًا ﴾ مطروداً مبعداً من رحمة الله.
واللام في ﴿ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ ﴾ [الأعراف : ١٨] موطئة للقسم وجوابه ﴿ لامْلَأَنَّ جَهَنَّمَ ﴾ [هود : ١١٩] وهو ساد مسد جواب الشرط ﴿ مِّنكُمْ ﴾ منك ومنهم فغلب ضمير المخاطب ﴿ أَجْمَعِينَ ﴾ وقلنا يا آدم بعد إخراج إبليس من الجنة ﴿ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٦٧
الأعراف : ١٩] اتخذها مسكناً ﴿ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَـاذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا ﴾ [الأعراف : ١٩] فتصيرا ﴿ مِنَ الظَّـالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَـانُ ﴾ وسوس إذا تكلم كلاماً خفياً يكرره وهو غير متعد، ورجل موسوس بكسر الواو ولا يقال موسوس بالفتح ولكن موسوس له
٧٠


الصفحة التالية
Icon