﴿ بِسِيمَـاهُمْ ﴾ بعلامتهم.
قيل : سيما المؤمنين بياض الوجوه ونضارتها، وسيما الكافرين سواد الوجوه وزرقة العيون ﴿ وَنَادَوْا ﴾ أي أصحاب الأعراف ﴿ أَصْحَـابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَـامٌ عَلَيْكُمْ ﴾ [الأعراف : ٤٦] أنه سلام أو أي سلام وهو تهنئة منهم لأهل الجنة ﴿ لَمْ يَدْخُلُوهَا ﴾ [الأعراف : ٤٦] أي أصحاب الأعراف ولا محل له لأنه استئناف كأن سائلاً سأل أصحاب الأعراف فقيل ﴿ لَمْ يَدْخُلُوهَا ﴾ [الأعراف : ٤٦] ﴿ وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴾ [الأعراف : ٤٦] في دخولها أوله محل وهو صفة لـ ﴿ رِجَالٌ ﴾.
﴿ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَـارُهُمْ ﴾ [الأعراف : ٤٧] أبصار أصحاب الأعراف، وفيه أن صارفاً يصرف أبصارهم لينظروا فيستعيذوا ﴿ تِلْقَآءَ ﴾ ظرف أي ناحية ﴿ أَصْحَـابِ النَّارِ ﴾ [الزمر : ٨] ورأوا ما هم فيه
٨٠
من العذاب ﴿ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّـالِمِينَ ﴾ [الأعراف : ٤٧] فاستعاذوا بالله وفزعوا إلى رحمته أن لا يجعلهم معهم ﴿ وَنَادَى أَصْحَـابُ الاعْرَافِ رِجَالا ﴾ [الأعراف : ٤٨] من رءوس الكفرة ﴿ يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَـاـاهُمْ قَالُوا مَآ أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ ﴾ [الأعراف : ٤٨] المال أو كثرتكم واجتماعكم و " ما " نافية ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الأعراف : ٤٨] واستكباركم على الحق وعلى الناس ثم يقولون لهم :
﴿ أَهَـاؤُلاءِ ﴾ مبتدأ ﴿ الَّذِينَ ﴾ خبر مبتدأ مضمر تقديره أهؤلاء هم الذين ﴿ أَقْسَمْتُمْ ﴾ حلفتم في الدنيا، والمشار إليهم فقراء المؤمنين كصهيب وسلمان ونحوهما ﴿ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ﴾ [الأعراف : ٤٩] جواب ﴿ أَقْسَمْتُمْ ﴾ وهو داخل في صلة ﴿ الَّذِينَ ﴾ تقديره أقسمتم عليهم بأن لا ينالهم الله برحمة أي لا يدخلهم الجنة يحتقرونهم لفقرهم.
فيقال لأصحاب الأعراف :﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ﴾ [الزخرف : ٧٠] وذلك بعد أن نظروا إلى الفريقين وعرفوهم بسيماهم وقالوا ما قالوا ﴿ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ * وَنَادَى أَصْحَـابُ النَّارِ أَصْحَـابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَآءِ ﴾ أن مفسرة.
وفيه دليل على أن الجنة فوق النار ﴿ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ﴾ [الأعراف : ٥٠] من غيره من الأشربة لدخوله في حكم الإفاضة، أو أريد أو ألقوا علينا مما رزقكم الله من الطعام والفاكهة كقوله :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٩
علفتها تبناً وماءاً بادرا
أي وسقيتها وإنما سألوا ذلك مع يأسهم عن الإجابة لأن المتحير ينطق بما يفيد وما لا يفيد ﴿ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَـافِرِينَ ﴾ [الأعراف : ٥٠] هو تحريم منع كما في ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ﴾ [القصص : ١٢] (القصص : ٢١) وتقف هنا إن رفعت أو نصبت ما بعده ذماً، وإن جررته وصفاً للكافرين فلا.
٨١
﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا ﴾ [الأعراف : ٥١] فحرموا وأحلوا ما شاءوا أو دينهم عيدهم ﴿ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا ﴾ [الأعراف : ٥١] اغتروا بطول البقاء ﴿ فَالْيَوْمَ نَنسَـاـاهُمْ ﴾ [الأعراف : ٥١] نتركهم في العذاب ﴿ كَمَا نَسُوا لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـاذَا وَمَا كَانُوا بِـاَايَـاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ أي كنسيانهم وجحودهم ﴿ وَلَقَدْ جِئْنَـاهُم بِكِتَـابٍ فَصَّلْنَـاهُ ﴾ [الأعراف : ٥٢] ميزنا حلاله وحرامه ومواعظه وقصصه ﴿ عَلَى عِلْم ﴾ [الزمر : ٤٩] عالمين بكيفية تفصيل أحكامه ﴿ هُدًى وَرَحْمَةً ﴾ [الأعراف : ٥٢] حال من منصوب ﴿ فَصَّلْنَـاهُ ﴾ كما أن ﴿ عَلَى عِلْم ﴾ [الزمر : ٤٩] حال من مرفوعة ﴿ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام : ٩٩].
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٩