هل ينظرون } ينتظرون ﴿ إِلا تَأْوِيلَهُ ﴾ [الأعراف : ٥٣] إلا عاقبة أمره وما يؤول إليه من تبين صدقه وظهور صحة ما نطق به من الوعد والوعيد ﴿ يَوْمَ يَأْتِى تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ ﴾ [الأعراف : ٥٣] تركوه وأعرضوا عنه ﴿ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ﴾ [الأعراف : ٥٣] أي تبين وصح أنهم جاءوا بالحق فأقروا حين لا ينفعهم ﴿ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُوا لَنَآ ﴾ [الأعراف : ٥٣] جواب الاستفهام ﴿ أَوْ نُرَدُّ ﴾ [الأعراف : ٥٣] جملة معطوفة على الجملة قبلها داخلة معها في حكم الاستفهام كأنه قيل : فهل لنا من شفعاء، أو هل نرد؟ ورافعه وقوعه موقعاً يصلح للاسم كقولك ابتداء " هل يضرب زيد "، أو عطف على تقدير : هل يشفع لنا شافع أو هل نرد ﴿ فَنَعْمَلَ ﴾ جواب الاستفهام أيضاً ﴿ غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأعراف : ٥٣] ما كانوا يعبدونه من الأصنام.
﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ أراد السموات والأرض وما بينهما وقد فصلها في " حم السجدة " أي من الأحد إلى الجمعة لاعتبار الملائكة شيئاً فشيئاً، وللإعلام بالتأني في الأمور، ولأن لكل عمل يوماً، ولأن إنشاء شيء بعد شيء أدل على عالم مدبر مريد يصرّفه على اختياره ويجريه
٨٢
على مشيئته ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى ﴾ [الفرقان : ٥٩] استولى ﴿ عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [طه : ٥] أضاف الاستيلاء إلى العرش وإن كان سبحانه وتعالى مستولياً على جميع المخلوقات، لأن العرش أعظمها وأعلاها.
وتفسير العرش بالسرير والاستواء بالاستقرار كما تقوله المشبهة باطل، لأنه تعالى كان قبل العرش ولا مكان وهو الآن كما كان، لأن التغير من صفات الأكوان.
والمنقول عن الصادق والحسن وأبي حنيفة ومالك رضي الله عنهم، أن الاستواء معلوم، والتكييف فيه مجهول، والإيمان به واجب، والجحود له كفر، والسؤال عنه بدعة.
﴿ يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ ﴾ [الرعد : ٣] ﴿ يَغْشَى ﴾ حمزة وعلي وأبو بكر.
أي يلحق الليل بالنهار والنهار بالليل ﴿ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا ﴾ [الأعراف : ٥٤] حال من الليل أي سريعاً.
والطالب هو الليل كأنه لسرعة مضيه يطلب النهار ﴿ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ ﴾ [الأعراف : ٥٤] أي وخلق الشمس والقمر والنجوم ﴿ مُسَخَّرَات ﴾ حال أي مذللات ﴿ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَات ﴾ [الأعراف : ٥٤] شامي ﴿ وَالشَّمْسُ ﴾ مبتدأ والبقية معطوفة عليها والخبر ﴿ مُسَخَّرَات ﴾ ﴿ بِأَمْرِهِ ﴾ هو أمر تكوين.
ولما ذكر أنه خلقهن مسخرات بأمره قال ﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالامْرُ ﴾ [الأعراف : ٥٤] أي هو الذي خلق الأشياء وله الأمر ﴿ تَبَارَكَ اللَّهُ ﴾ [الأعراف : ٥٤] كثر خيره أو دام بره من البركة النماء أو من البروك الثبات ومنه البركة ﴿ رَبِّ الْعَـالَمِينَ ﴾ [الفاتحة : ٢].
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٩
﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ [الأعراف : ٥٥] نصب على الحال أي ذوي تضرع وخفية، والتضرع تفعل من الضراعة وهي الذل أي تذللاً وتملقاً.
قال عليه السلام " إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنما تدعون سميعاً قريباً إنه معكم أينما كنتم " عن الحسن : بين دعوة السر والعلانية سبعون ضعفاً.
﴿ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف : ٥٥] المجاوزين ما أمروا به في كل شيء من الدعاء وغيره.
وعن ابن جريج : الرافعين أصواتهم بالدعاء.
وعنه : الصياح في الدعاء مكروه وبدعة.
وقيل : هو الإسهاب في الدعاء.
وعن النبي صلى الله عليه وسلّم " سيكون قوم يعتدون في الدعاء، وحسب المرء أن يقول : اللهم إني أسألك الجنة وما قرّب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل " ثم قرأ ﴿ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف : ٥٥]
٨٣