﴿ وَلا تُفْسِدُوا فِى الارْضِ بَعْدَ إِصْلَـاحِهَا ﴾ [الأعراف : ٥٦] أي بالمعصية بعد الطاعة، أو بالشرك بعد التوحيد، أو بالظلم بعد العدل ﴿ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [الأعراف : ٥٦] حالان أي خائفين من الرد طامعين في الإجابة، أو من النيران وفي الجنان، أو من الفراق وفي التلاق، أو من غيب العاقبة وفي ظاهر الهداية، أو من العدل وفي الفضل ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف : ٥٦] ذكر قريب على تأويل الرحمة بالرحم أو الترحم، أو لأنه صفة موصوف محذوف أي شيء قريب، أو على تشبيهه بفعيل الذي هو بمعنى مفعول، أو لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي، أو للإضافة إلى المذكر ﴿ وَهُوَ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَـاحَ ﴾ [الأعراف : ٥٧] ﴿ الرِّيحَ ﴾ مكي وحمزة وعلي ﴿ بَشَرًا ﴾ ﴿ نَشْرًا ﴾ حمزة وعلي.
مصدر نشر، وانتصابه إما لأن أرسل ونشر متقاربان فكأنه قيل نشرها نشراً، وإما على الحال أي منشورات ﴿ بَشَرًا ﴾ عاصم تخفيف " بشرا " جمع " بشير "، لأن الرياح تبشر بالمطر شامي تخفيف " نشر " كرسل ورسل وهو قراءة الباقين جمع " نشور " أي ناشرة للمطر ﴿ بُشْرَا بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ ﴾ [النمل : ٦٣] أمام نعمته وهو الغيث الذي هو من أجلّ النعم
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٩
﴿ حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ ﴾ [الأعراف : ٥٧] حملت ورفعت، واشتقاق الإقلال من القلة لأن الرافع المطيق يرى ما يرفعه قليلاً ﴿ سَحَابًا ثِقَالا ﴾ [الأعراف : ٥٧] بالماء جمع سحابة ﴿ سُقْنَـاهُ ﴾ الضمير للسحاب على اللفظ ولو حمل على المعنى كالثقال لأنث كما لو حمل الوصف على اللفظ لقيل ثقيلاً ﴿ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ ﴾ [الأعراف : ٥٧] لأجل بلد ليس فيه مطر ولسقيه ﴿ مَّيِّتٍ ﴾ مدني وحمزة وعلي وحفص ﴿ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَآءَ ﴾ [الأعراف : ٥٧] بالسحاب أو بالسوق وكذلك ﴿ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَالِكَ ﴾ [الأعراف : ٥٧] مثل ذلك الإخراج وهو إخراج الثمرات ﴿ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف : ٥٧] فيؤديكم التذكر إلى الإيمان بالبعث إذ لا فرق بين الإخراجين، لأن كل واحد منهما إعادة الشيء بعد إنشائه
٨٤
﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ ﴾ [الأعراف : ٥٨] الأرض الطيبة التربة ﴿ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ﴾ [الأعراف : ٥٨] بتيسيره وهو موضع الحال كأنه قيل : يخرج نباتة حسناً وافياً لأنه واقع في مقابلة ﴿ نَكِدًا ﴾ ﴿ وَالَّذِى خَبُثَ ﴾ [الأعراف : ٥٨] صفة للبلد أي والبلد الخبيث ﴿ لا يَخْرُجُ ﴾ [الأعراف : ٥٨] أي نباته فحذف للاكتفاء ﴿ إِلا نَكِدًا ﴾ [الأعراف : ٥٨] هو الذي لا خير فيه وهذا مثل لمن ينجع فيه الوعظ وهو المؤمن ولمن لا يؤثر فيه شيء من ذلك وهو الكافر، وهذا التمثيل واقع على أثر ذكر مثل المطر وإنزاله بالبلد الميت وإخراج الثمرات به على طريق الاستطراد ﴿ كَذَالِكَ ﴾ مثل ذلك التصريف ﴿ نُصَرِّفُ الايَـاتِ ﴾ [الأنعام : ٤٦] نرددها ونكررها ﴿ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ [الأعراف : ٥٨] نعمة الله وهم المؤمنون ليتفكروا فيها ويعتبروا بها.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٧٩
﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ ﴾ [الحديد : ٢٥] جواب قسم محذوف أي والله لقد أرسلنا ﴿ نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ﴾ [نوح : ١] أرسل وهو ابن خمسين سنة وكان نجاراً، وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو اسم إدريس عليه السلام ﴿ فَقَالَ يَـاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـاهٍ غَيْرُهُا ﴾ [الأعراف : ٥٩] ﴿ غَيْرُهُا ﴾ علي.
فالرفع على المحل كأنه قيل : ما لكم إله غيره فلا تعبدوا معه غيره، والجر على اللفظ ﴿ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأعراف : ٥٩] يوم القيامة أو يوم نزول العذاب عليهم وهو الطوفان.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٨٥