فقال لهم مرثد : لن تسقوا حتى تؤمنوا بهود فخلفوا مرثداً وخرجوا فقال قيل : اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيهم فأنشأ الله سحابات ثلاثاً بيضاء وحمراء وسوداء، ثم ناداه منادٍ من السماء : يا قيل اختر لنفسك ولقومك، فاختار السوداء على ظن أنها أكثر ماء فخرجت على عاد من وادٍ لهم فاستبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا، فجاءتهم منها ريح عقيم فأهلكتهم ونجا هود والمؤمنون معه فأتوا مكة فعبدوا الله فيها حتى ماتوا.
﴿ وَإِلَى ثَمُودَ ﴾ [الأعراف : ٧٣] وأرسلنا إلى ثمود.
وقريء وإلى ثمودٍ } بتأويل الحي أو باعتبار الأصل لأنه اسم أبيهم الأكبر، ومنع الصرف بتأويل القبيلة، وقيل : سميت ثمود لقلة مائها من الثمد وهو الماء القليل وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام ﴿ أَخَاهُمْ صَـالِحًا قَالَ يَـاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـاهٍ غَيْرُهُا قَدْ جَآءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ آية ظاهرة شاهدة على صحة نبوتي فكأنه قيل : ما هذه البينة؟ فقال :﴿ هَـاذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ ﴾ [الأعراف : ٧٣] وهذه إضافة تخصيص وتعطيم لأنها بتكوينه تعالى بلا صلب ولا رحم ﴿ لَكُمْ ءَايَةً ﴾ [الأعراف : ٧٣] حال من الناقة والعامل معنى الإشارة في ﴿ هَـاذِهِ ﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٨٨
كأنه قيل : أشير إليها آية ولكم بيان لمن هي له آية وهي ثمود لأنهم عاينوها ﴿ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِى أَرْضِ اللَّهِ ﴾ [الأعراف : ٧٣] أي الأرض أرض الله والناقة ناقة الله فذروها تأكل في أرض ربها من نبات ربها فليس عليكم مؤنتها ﴿ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُواءٍ ﴾ [الأعراف : ٧٣] ولا تضربوها ولا تعقروها ولا تطردوها إكراماً لآية الله ﴿ فَيَأْخُذَكُمْ ﴾ جواب النهي ﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ ﴾ ونزلكم، والمباءة المنزل ﴿ فِى الارْضِ ﴾ [السجدة : ١٠] في أرض الحجر بين الحجاز والشام ﴿ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا ﴾ [الأعراف : ٧٤] غرفاً للصيف ﴿ وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ﴾ [الأعراف : ٧٤] للشتاء، و ﴿ بُيُوتًا ﴾ حال مقدرة نحو " خط هذا الثوب قميصاً " إذ الجبل لا يكون بيتاً في حال النحت ولا الثوب قميصاً
٨٩
في حال الخياطة ﴿ فَاذْكُرُوا ءَالاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِى الارْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف : ٧٤] روي أن عاداً لما أهلكت عمرت ثمود بلادها وخلفوها في الأرض وعمروا أعماراً طوالاً، فنحتوا البيوت من الجبال خشية الانهدام قبل الممات، وكانوا في سعة من العيش فعتوا على الله وأفسدوا في الأرض وعبدوا الأوثان، فبعث الله إليهم صالحاً وكانوا قوماً عرباً وصالح من أوسطهم نسباً، فدعاهم إلى الله فلم يتبعه إلا قليل منهم مستضعفون فأنذرهم، فسألوه أن يخرج من صخرة بعينها ناقة عشراء فصلى ودعا ربه فتمخضت تمخض النتوج بولدها فخرجت منها ناقة كما شاؤوا فآمن به جندع ورهط من قومه.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٨٨