جزء : ٢ رقم الصفحة : ٨٨
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٩٤
﴿ قَالَ الْمَلا الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَـاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ﴾ أي ليكونن أحد الأمرين إما إخراجكم وإما عودكم في الكفر ﴿ قَالَ ﴾ شعيب ﴿ أَوَلَوْ كُنَّا كَـارِهِينَ ﴾ [الأعراف : ٨٨] الهمزة للاستفهام والواو للحال تقديره أتعيدوننا في ملتكم في حال كراهتنا ومع كوننا كارهين قالوا : نعم.
ثم قال شعيب ﴿ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِى مِلَّتِكُم ﴾ [الأعراف : ٨٩] وهو قسم على تقدير حذف اللام أي والله لقد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم ﴿ بَعْدَ إِذْ نَجَّـانَا اللَّهُ مِنْهَا ﴾ [الأعراف : ٨٩] خلصنا الله.
فإن قلت : كيف قال شعيب ﴿ إِنْ عُدْنَا فِى مِلَّتِكُم ﴾ [الأعراف : ٨٩] والكفر على الأنبياء عليهم السلام محال؟ قلت : أراد عود قومه إلا أنه يضم نفسه في جملتهم وإن كان بريئاً من ذلك
٩٤
إجراء لكلامه على حكم التغليب ﴿ وَمَا يَكُونُ لَنَآ ﴾ [الأعراف : ٨٩] وما ينبغي لنا وما يصح ﴿ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلا أَن يَشَآءَ اللَّهُ رَبُّنَا ﴾ [الأعراف : ٨٩] إلا أن يكون سبق في مشيئته أن نعود فيها إذ الكائنات كلها بمشيئة الله تعالى خيرها وشرها ﴿ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الأعراف : ٨٩] تمييز أي هو عالم بكل شيء فهو يعلم أحوال عباده كيف تتحول وقلوبهم كيف تتقلب ﴿ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ [الأعراف : ٨٩] في أن يثبتنا على الإيمان ويوفقنا لازدياد الإيقان ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ ﴾ [الأعراف : ٨٩] أي الحكم والفتاحة الحكومة والقضاء بالحق بفتح الأمر المغلق فلذا سمي فتحاً، ويسمي أهل عمان القاضي فتاحاً ﴿ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَـاتِحِينَ ﴾ [الأعراف : ٨٩] كقوله ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الْحَـاكِمِينَ ﴾ [الأعراف : ٨٧] ﴿ وَقَالَ الْمَلا الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ لَـاـاِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَـاسِرُونَ ﴾ [
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٩٤
الأعراف : ٩٠] مغبونون لفوات فوائد البخس والتطفيف باتباعه لأنه ينهاكم عنهما ويحملكم على الإيفاء والتسوية.
وجواب القسم الذي وطأته اللام في ﴿ لَـاـاِنِ اتَّبَعْتُمْ ﴾ [الأعراف : ٩٠] وجواب الشرط ﴿ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَـاسِرُونَ ﴾ [الأعراف : ٩٠] فهو ساد مسد الجوابين ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ﴾ [الأعراف : ٩١] الزلزلة ﴿ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَـاثِمِينَ ﴾ [الأعراف : ٧٨] ميتين ﴿ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا ﴾ [الأعراف : ٩٢] مبتدأ خبره ﴿ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَآ ﴾ [هود : ٦٨] لم يقيموا فيها.
غني بالمكان أقام ﴿ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا ﴾ [الأعراف : ٩٢] مبتدأ خبره ﴿ كَانُوا هُمُ الْخَـاسِرِينَ ﴾ [الأعراف : ٩٢] لا من قالوا لهم إنكم إذاً لخاسرون وفي هذا الابتداء معنى الاختصاص كأنه قيل : الذين كذبوا شعيباً هم المخصوصون بأن أهلكوا كأن لم يقيموا في دارهم، لأن الذين اتبعوا شعيباً قد أنجاهم الله، الذين كذبوا شعيباً هم المخصوصون بالخسران العظيم دون أتباعه فهم الرابحون، وفي التكرار مبالغة واستعظام لتكذيبهم ولما جرى عليهم.
٩٥