﴿ أَفَأَمِنُوا ﴾ تكرير لقوله ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى ﴾ [الأعراف : ٩٧] ﴿ مَكْرَ اللَّهِ ﴾ [الأعراف : ٩٩] أخذه العبد من حيث لا يشعر.
وعن الشبلي قدس الله روحه العزيز : مكره بهم تركه إياهم على ما هم عليه.
وقالت ابنة الربيع بن خيثم لأبيها : مالي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟ قال : يا بنتاه أن أباك يخاف البيات أراد قوله ﴿ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَـاتًا ﴾ [الأعراف : ٩٧] ﴿ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَـاسِرُونَ ﴾ [الأعراف : ٩٩] إلا الكافرون الذين خسروا أنفسهم حتى صاروا إلى النار.
﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ ﴾ [الأعراف : ١٠٠] يبين ﴿ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الارْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَـاهُم بِذُنُوبِهِمْ ﴾ [الأعراف : ١٠٠] ﴿ أَن لَّوْ نَشَآءُ ﴾ [الأعراف : ١٠٠] مرفوع بأنه فاعل ﴿ يَهْدِ ﴾ " وأن " مخففة من الثقيلة أي أولم يهد للذين يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم ويرثونهم أرضهم هذا الشأن، وهو أنا لو نشاء أصبناهم بذنوبهم كما أصبنا من قبلهم فأهكلنا الوارثين كما أهلكنا الموروثين، وإنما عدي فعل الهداية باللام لأنه بمعنى التبيين ﴿ وَنَطْبَعُ ﴾ مسأنف أي ونحن نختم ﴿ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ ﴾ [الأعراف : ١٠٠] الوعظ ﴿ تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنابَآئِهَا ﴾ [الأعراف : ١٠١] كقوله ﴿ وَهَـاذَا بَعْلِى شَيْخًا ﴾ (هود : ٢٧) في أنه مبتدأ وخبر وحال، أو تكون ﴿ الْقُرَى ﴾ صفة ﴿ تِلْكَ ﴾ و ﴿ نَقُصُّ ﴾ خبراً والمعنى : تلك القرى المذكورة من قوم نوح إلى قوم شعيب نقص عليك بعض أنبائها ولها أنباء غيرها لم نقصها عليك ﴿ وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَـاتِ ﴾ [الأعراف : ١٠١] بالمعجزات ﴿ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ﴾ [الأعراف : ١٠١] عند مجيء الرسل بالبينات ﴿ بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ ﴾ [الأعراف : ١٠١] بما كذبوا من آيات الله من قبل مجيء الرسل، أو فما كانوا ليؤمنوا إلى آخر أعمارهم بما كذبوا به أولاً حين جاءتهم الرسل أي استمروا على التكذيب من لدن مجيء الرسل إليهم إلى أن ماتوا مصرين مع تتابع الآيات، واللام لتأكيد النفي.
﴿ كَذَالِكَ ﴾ مثل ذلك الطبع الشديد ﴿ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَـافِرِينَ ﴾ [الأعراف : ١٠١] لما علم منهم أنهم يختارون الثبات على الكفر ﴿ وَمَا وَجَدْنَا لاكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ﴾ [الأعراف : ١٠٢] الضمير للناس على الإطلاق يعني أن أكثر الناس نقضوا عهد الله وميثاقه في الإيمان، والآية اعتراض، أو للأمم المذكورين فإنهم كانوا إذا عاهدوا الله في ضر ومخافة لئن أنجيتنا لنؤمنن ثم أنجاهم نكثوا ﴿ وَأَنْ ﴾ وإن الشأن والحديث ﴿ وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَـاسِقِينَ ﴾ [الأعراف : ١٠٢] لخارجين عن الطاعة، والوجود
٩٨
بمعنى العلم بدليل دخول " إن " المخففة واللام الفارقة، ولا يجوز ذلك إلا في المبتدأ والخبر والأفعال الداخلة عليهما.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٩٤
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٠