﴿ قَالُوا أَرْجِهْ ﴾ [الشعراء : ٣٦] بسكون الهاء : عاصم وحمزة أي أخر واحبس أي أخر أمره ولا تعجل، أو كأنه هم بقتله فقالوا : أخر قتله واحبسه ولا تقتله ليتبين سحره عند الخلق ﴿ وَأَخَاهُ ﴾ هرون ﴿ وَأَرْسِلْ فِى الْمَدَآ ـاِنِ حَـاشِرِينَ ﴾ [الأعراف : ١١١] جامعين.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٠
﴿ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَـاحِرٍ عَلِيمٍ ﴾ [الأعراف : ١١٢] ﴿ سَحَّارٍ ﴾ : حمزة وعلي.
أي يأتوك بكل ساحر عليم مثله في المهارة أو بخير منه ﴿ وَجَآءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ ﴾ [الأعراف : ١١٣] يريد فأرسل إليهم فحضروا ﴿ قَالُوا إِنَّ لَنَا لاجْرًا ﴾ [الأعراف : ١١٣] على الخبر وإثبات الأجر العظيم حجازي وحفص.
ولم يقل " فقالوا " لأنه على تقدير سؤال سائل ما قالوا إذ جاءوه؟ فأجيب بقوله ﴿ قَالُوا إِنَّ لَنَا لاجْرًا ﴾ [الأعراف : ١١٣] لجعلاً على الغلبة.
والتنكير للتعظيم كأنهم قالوا لا بد لنا من أجر عظيم ﴿ إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَـالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ ﴾ إن لكم لأجراً ﴿ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾ [الأعراف : ١١٤] عندي فتكونون أول من يدخل وآخر من يخرج، وكانوا ثمانين ألفاً أو سبعين ألفاً أو بضعة وثلاثين ألفاً ﴿ كِتَـابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً ﴾ عصاك ﴿ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ ﴾ [الأعراف : ١١٥] لما معنا، وفيه دلالة على أن رغبتهم في أن يلقوا قبله حيث أكد ضميرهم المتصل بالمنفصل وعرف الخبر ﴿ قَالَ ﴾ لهم موسى عليه السلام ﴿ أَلْقُوْا ﴾ تخييرهم إياه أدب حسن راعوه معه كما يفعل المتناظرون قبل أن يتحاوروا الجدال، وقد سوغ لهم موسى ما رغبوا فيه ازدراء لشأنهم وقلة مبالاة بهم واعتماداً على أن المعجزة لن يغلبها سحر أبداً ﴿ فَلَمَّآ أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ ﴾ [الأعراف : ١١٦] " أروها بالحيل والشعوذة وخيلوا إليها ما الحقيقة بخلافه.
روي أنهم ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً فإذا هي أمثال الحيات قد ملأت الأرض وركب بعضها بعضاً ﴿ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ ﴾ وأرهبوهم إرهاباً شديداً كأنهم استدعوا
١٠١
رهوبتهم بالحيلة ﴿ وَجَآءُو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأعراف : ١١٦] في باب السحر أو في عين من رآه.
﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ ﴾ [الأعراف : ١١٧] ـ تبتلع ﴿ تَلْقَفْ ﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٠
حفص ﴿ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ [الأعراف : ١١٧] " ما " موصولة أو مصدرية يعني ما يأفكونه أي يقلبونه عن الحق إلى الباطل ويزورونه، أو إفكهم تسمية للمأفوك بالإفك.
روي أنها لما تلقفت ملء الوادي من الخشب والحبال ورفعها موسى فرجعت عصاً كما كانت، وأعدم الله بقدرته تلك الأجرام العظيمة، أو فرقها أجزاء لطيفة قالت السحرة : لو كان هذا سحراً لبقيت حبالنا وعصينا ﴿ فَوَقَعَ الْحَقُّ ﴾ [الأعراف : ١١٨] فحصل وثبت ﴿ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ من السحر ﴿ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ ﴾ [الأعراف : ١١٩] أي فرعون وجنوده والسحرة ﴿ وَانقَلَبُوا صَـاغِرِينَ ﴾ [الأعراف : ١١٩] وصاروا أذلاء مبهوتين ﴿ وَأُلْقِىَ السَّحَرَةُ سَـاجِدِينَ ﴾ [الأعراف : ١٢٠] وخروا سجداً لله كأنما ألقاهم ملقٍ لشدة خرورهم، أو لم يتمالكوا مما رأوا فكأنهم ألقوا فكانوا أول النهار كفاراً سحرة وفي آخره شهداء بررة ﴿ قَالُوا ءَامَنَّا بِرَبِّ الْعَـالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَـارُونَ ﴾ هو بدل مما قبله ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ ءَامَنتُم بِهِ ﴾ [الأعراف : ١٢٣] على الخبر : حفص.
وهذا توبيخ منه لهم.
وبهمزتين : كوفي غير حفص.
فالأولى همزة الاستفهام ومعناه الإنكار والاستبعاد ﴿ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ ﴾ [الأعراف : ١٢٣] قبل إذني لكم ﴿ إِنَّ هَـاذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِى الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَآ أَهْلَهَا ﴾ [الأعراف : ١٢٣] إن صنعكم هذا لحيلة احتلتموها أنتم وموسى في مصر قبل أن تخرجوا إلى الصحراء
١٠٢
لغرض لكم وهو ﴿ إِنَّ هَـاذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِى الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ وعيد أجمله ثم فصله بقوله :


الصفحة التالية
Icon