الماء فوق حروثهم وذلك أنهم مطروا ثمانية أيام في ظلمة شديدة لا يرون شمساً ولا قمراً ولا يقدر أحد أن يخرج من داره.
وقيل : دخل الماء في بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم، فمن جلس غرق ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة، أو هو الجدري أو الطاعون ﴿ وَالْجَرَادَ ﴾ فأكلت زروعهم وثمارهم وسقوف بيوتهم وثيابهم ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منها شيء ﴿ وَالْقُمَّلَ ﴾ وهي الدباء وهو أولاد الجراد قبل نبات أجنحتها، أو البراغيث، أو كبار القردان ﴿ وَالضَّفَادِعَ ﴾ وكانت تقع في طعامهم وشرابهم حتى إذا تكلم الرجل تقع في فيه ﴿ وَالدَّمَ ﴾ أي الرعاف.
وقيل : مياههم انقلبت دماً حتى إن القبطي والاسرائيلي إذا اجتمعا على إناء فيكون ما يلي القبطي دماً.
وقيل : سأل عليهم النيل دماً ﴿ ءَايَـاتُ ﴾ حال من الأشياء المذكورة ﴿ مُفَصَّلَـاتٍ ﴾ مبينات ظاهرات لا يشكل على عاقل أنها من آيات الله أو مفرقات بين كل آيتين شهر ﴿ فَاسْتَكْبَرُوا ﴾ عن الإيمان بموسى ﴿ وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف : ١٣٣].
﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ ﴾ [الأعراف : ١٣٤] العذاب الأخير وهو الدم، أو العذاب المذكور واحداً بعد واحد ﴿ قَالُوا يَـامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ﴾ " ما " مصدرية أي بعهده عندك وهو النبوة، والباء تتعلق بـ ﴿ ادْعُ ﴾ أي ادع الله لنا متوسلاً إليه بعهده عندك ﴿ لَـاـاِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ * فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَـالِغُوهُ ﴾ إلى حد من الزمان ﴿ هُم بَـالِغُوهُ ﴾ [الأعراف : ١٣٥] لا محالة فمعذبون فيه لا ينفعهم ما تقدم لهم من الإمهال وكشف العذاب إلى حلوله " إذا هم ينكثون } جواب ﴿ لَّمًّا ﴾ أي فلما كشفنا عنهم فاجأوا النكث ولم يؤخروه
١٠٦
﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ [الأعراف : ١٣٦] هو ضد الإنعام كما أن العقاب هو ضد الثواب
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٤
﴿ فَأَغْرَقْنَـاهُمْ فِي الْيَمِّ ﴾ [الأعراف : ١٣٦] هو البحر الذي لا يدرك قعره، أو هو لجة البحر ومعظم مائه واشتقاقه من التيمم لأن المنتفعين به يقصدونه ﴿ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَـافِلِينَ ﴾ [الأعراف : ١٣٦] أي كان إغراقهم بسبب تكذيبهم بالآيات وغفلتهم عنها وقلة فكرهم فيها ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ ﴾ [الأعراف : ١٣٧] هم بنو إسرائيل كان يستضعفهم فرعون وقومه بالقتل والاستخدام ﴿ مَشَـارِقَ الارْضِ وَمَغَـارِبَهَا ﴾ [الأعراف : ١٣٧] يعني أرض مصر والشام ﴿ الَّتِى بَـارَكْنَا فِيهَا ﴾ [سبأ : ١٨] بالخصب وسعة الأرزاق وكثرة الأنهار والأشجار ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ ﴾ [الأعراف : ١٣٧] هو قوله :﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِى الارْضِ ﴾ [الأعراف : ١٢٩] (الأعراف : ٩٢١) أو ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِى الارْضِ ﴾ [القصص : ٥] إلى ﴿ مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص : ٦] (القصص : ٥).
والحسنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة و " على " صلة ﴿ تَمُتْ ﴾ أي مضت عليهم واستمرت من قولك تم علي الأمر إذا مضى عليه ﴿ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [المؤمنون : ١١١] بسبب صبرهم وحسبك به حاثاً على الصبر ودالاً على أن من قابل البلاء بالجزع وكله الله إليه، ومن قابله بالصبر ضمن الله له الفرج ﴿ وَدَمَّرْنَا ﴾ أهلكنا ﴿ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ﴾ [الأعراف : ١٣٧] من العمارات وبناء القصور ﴿ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف : ١٣٧] من الجنات، أو ما كانوا يرفعون من الأبنية المشيدة في السماء كصرح هامان وغيره.
وبضم الراء : شامي وأبو بكر.
وهذا آخر قصة فرعون والقبط وتكذيبهم بآيات الله.
ثم أتبعه قصة بني إسرائيل وما أحدثوه بعد إنقاذهم من فرعون ومعاينتهم الآيات العظام ومجاوزتهم البحر من عبادة البقر وغير ذلك، ليتسلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم مما رآه من بني إسرائيل بالمدينة
١٠٧
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٠٤