وإنما نسبت إليهم مع أنها كانت عواري في أيديهم لأن الإضافة تكون بأذى ملابسة، وفيه دليل على أن من حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل داراً استعارها يحنث، على أنهم قد ملكوها بعد المهلكين كما ملكوا غيرها من أملاكهم.
وفيه دليل على أن الاستيلاء على أموال الكفار يوجب زوال ملكهم عنها، نعم المتخذ هو السامري ولكنهم رضوا به فأسند الفعل إليهم.
والحلي جمع " حلى " وهو اسم ما يتحسن به من الذهب والفضة ﴿ حُلِيِّهِمْ ﴾ : حمزة وعلي للإتباع ﴿ عِجْلا ﴾ مفعول ﴿ اتَّخَذَ ﴾ ﴿ جَسَدًا ﴾ بدل منه أي بدناً ذا لحم ودم كسائر الأجساد ﴿ لَّهُ خُوَارٌ ﴾ [الأعراف : ١٤٨] هو صورت البقر والمفعول الثاني محذوف أي إلهاً.
ثم عجب من عقولهم السخيفة فقال ألم يروا } حين اتخذوه إلهاً ﴿ أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا ﴾ [الأعراف : ١٤٨] لا يقدر على كلام ولا على هداية سبيل حتى لا يختاروه على من ﴿ لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَـاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـاتُ ﴾ (الكهف : ٩٠١).
وهو الذي عدى الخلق إلى سبيل الحق بما ركز في العقول من الأدلة وبما أنزل في الكتب.
ثم ابتدأ فقال ﴿ اتَّخَذُوهُ ﴾ إلهاً فأقدموا على هذا الأمر المنكر ﴿ وَكَانُوا ظَـالِمِينَ * وَلَمَّا سُقِطَ فِى أَيْدِيهِمْ ﴾ ولما اشتد ندمهم على عبادة العجل.
وأصله أن من شأن من اشتد ندمه أن يعض يده غماً فتصير يده مسقوطاً فيها لأن فاه وقع فيها وسقط مسند إلى في أيديهم وهو من باب الكناية.
وقال الزجاج : معناه سقط الندم في إيديهم أي في قلوبهم وأنفسهم كما يقال " حصل في يده مكروه " وإن استحال أن يكون في اليد تشبيهاً لما يحصل في القلب وفي النفس بما يحصل في اليد ويرى بالعين ﴿ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا ﴾ [الأعراف : ١٤٩] وتبينوا ضلالهم تبيناً كأنهم أبصروه بعيونهم ﴿ قَالُوا لَـاـاِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا ﴾ [الأعراف : ١٤٩] ﴿ سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَآ ﴾ حمزة وعلي.
وانتصاب ﴿ رَبَّنَآ ﴾ على النداء ﴿ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَـاسِرِينَ ﴾ [الأعراف : ٢٣] المغبونين في الدنيا والآخرة.
١١٣


الصفحة التالية
Icon