ذرية آدم من ظهر آدم مثل الذر وأخذ عليهم الميثاق أنه ربهم بقوله ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ [الأعراف : ١٧٢] فأجابوه بـ ﴿ بَلَى ﴾.
قالوا : وهي الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : أخرج الله من ظهر آدم ذريته وأراه أياهم كهيئة الذر وأعطاهم العقل وقال : هؤلاء ولدك آخذ عليهم الميثاق أن يعبدوني.
قيل : كان ذلك قبل دخول الجنة بين مكة والطائف.
وقيل : بعد النزول من الجنة.
وقيل : في الجنة.
والحجة للأولين أنه قال ﴿ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ﴾ [الأعراف : ١٧٢] ولم يقل من ظهر آدم، ولأنا لا نتذكر ذلك فأنى يصير حجة.
مدني وبصري وشامي ﴿ تُرْحَمُونَ * أَن تَقُولُوا ﴾ [الأنعام : ١٥٦] ﴿ أَوْ تَقُولُوا ﴾ [الأعراف : ١٧٣] : أبو عمرو.
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ ﴾ [الشعراء : ٦٩] على اليهود ﴿ نَبَأَ الَّذِى ءَاتَيْنَـاهُ ءَايَـاتِنَا ﴾ هو عالم من علماء بني إسرائيل وقيل : هو بلعم بن باعوراء أوتي علم بعض كتب الله ﴿ فَانْسَلَخَ مِنْهَا ﴾ [الأعراف : ١٧٥] فخرج من الآيات بأن كفر بها ونبذها وراء ظهره ﴿ فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَـانُ ﴾ [الأعراف : ١٧٥] فلحقه الشيطان وأدركه وصار قريناً له ﴿ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الأعراف : ١٧٥] فصار من الضالين الكافرين.
روي أن قومه طلبوا منه أن يدعو على موسى ومن معه فأبى فلم يزالوا به حتى فعل وكان عنده اسم الله الأعظم.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٢٢
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـاهُ ﴾ [الأعراف : ١٧٦] إلى منازل الأبرار من العلماء ﴿ بِهَآ ﴾ بتلك الآيات ﴿ وَلَـاكِنَّهُا أَخْلَدَ إِلَى الارْضِ ﴾ [الأعراف : ١٧٦] مال إلى الدنيا ورغب فيها ﴿ وَاتَّبِعْ ﴾ في إيثار الدنيا ولذاتها على الآخرة ونعيمها ﴿ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ ﴾ [الأعراف : ١٧٦] أي تزجره وتطرده ﴿ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ ﴾ [الأعراف : ١٧٦] غير مطرود ﴿ يَلْهَثْ ﴾ والمعنى فصفته التي أي مثل في الخسة والضعة كصفة الكلب في أخس أحواله وأذلها وهي حال دوام اللهث به، سواء حمل عليه أي شد عليه وهيج فطرد، أو ترك غير متعرض له بالحمل عليه، وذلك أن سائر الحيوان لا يكون منه اللهث إلا إذا حرك، أما الكلب فيلهث في الحالين فكان مقتضى الكلام أن يقال : ولكنه أخلد إلى الأرض فحططناه ووضعناه منزلته، فوضع هذا التمثيل موضع فحططناه
١٢٤
أبلغ حط.
ومحل الجملة الشرطية النصب على الحال كأنه قيل : كمثل الكلب ذليلاً دائم الذلة لاهثاً في الحالين.
وقيل : لما دعا بلعم على موسى خرج لسانه فوقع على صدره وجعل يلهث كما يلهث الكلب.
وقيل : معناه هو ضال وعظ أو ترك.
وعن عطاء : من علم ولم يعمل فهو كالكلب ينبح إن طرد أو ترك ﴿ ذَّالِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَا ﴾ [الأعراف : ١٧٦] من اليهود بعد أن قرءوا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم في التوراة وذكر القرآن المعجز وما فيه وبشروا الناس باقتراب مبعثه ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ ﴾ [الأعراف : ١٧٦] أي قصص بلعم الذي هو نحو قصصهم ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف : ١٧٦] فيحذرون مثل عاقبته إذا ساروا نحو سيرته ﴿ سَآءَ مَثَلا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَا ﴾ [الأعراف : ١٧٧] هي مثل القوم فحذف المضاف، وفاعل ﴿ سَآءَ ﴾ مضمر أي ساء المثل مثلاً.
وانتصاب ﴿ مَثَلا ﴾ على التمييز ﴿ وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف : ١٧٧] معطوف على ﴿ كَذَّبُوا ﴾
جزء : ٢ رقم الصفحة : ١٢٢


الصفحة التالية
Icon